ومكان لا تتجزأ ولا تتقسم، والنفس والإنسانية في المسرحية يتمثلان في أبطالها وشخوصها من ناحية تقويمهم في أصدق تكوين نفسي لكل منهم
إن المتمعن قراءة هذه المسرحيات المستبطن دخائلها يطالعه شيء لابد أن يستوقفه برهة يخلد أثناءها إلى التأمل والمراجعة، ذلك أن أبطال هذه المسرحيات لا يجرون في الكشف عما في نفوسهم على سنة الوضوح التام والمنطق المنظم، وهو المألوف المتعارف عليه في الأدب الاتباعي والرومانسي والواقعي، وهو المتداول أيضاً في نتاج أدبنا العربي المستحدث ما عدا القليل النادر
أجل، إن أبطال تيمور في مسرحياتها الثلاثة يغمضون أو يلغزون أحياناً وقد يغلقون الإغلاق كله، وهم يعطون قولاً ما يعارضونه فعلاً، وهم يثبون وثبات نفسية لا تستقيم مع المنطق الظاهر المألوف، فيتراءون وكأن كل واحد منهم قد ركب فيه شخصان أو أكثر!!
هل لي أن أجشم القارئ مشقة استذكار هذه المسرحيات؟
لا، بل حسبي أن أستأذنه متفضلاً أمر التلويح له ببعض الشيء منها، مما لا غنى عنه حتى يستقيم هذا البحث.
لماذا مزق (دردير أفندي) - وذلك في مسرحية (الصعلوك) - رزمة الألف جنيه وهي كل سلاحه الذي ينيله ما يريده من (وحيده هانم) القينه الفاتنة؟
وهل يعقل أن صعلوكاً يعيش بين الخصاصة والكسب الطارئ يتلف ألف جنيه من غير ما سبب قاهر؟
ولما أحجم (مؤنس بك) وذلك في مسرحية (أبو شوشة) عن معاودة اتصاله بحسنية هانم معشوقته السابقة - وقد سنحت له الفرصة التي أخطأته فيما مضى، وقد وجد كل منهما في قلبه الميل نحو صاحبه؛ ما الذي يحجزها عن إحياء الماضي الجميل؟
وكيف تأتي أن فضل الله باشا - وذلك في مسرحية الموكب - يقول بشيء ثم يفعل غيره، وينهي عن أمر ويأتي مثله؟
ما حقيقة هذا المقنع الذي يخفى مسراه في نفوس هؤلاء الثلاثة ويظهر أثره سافراً في فعالهم؟ وهل حق أن الإنسان قد يبدو أحياناً وكأنما تسكن نفسه شخصيتان متناقضتان؟!
عن هذا الشيء أنشأتُ فصلاً طويلاً في العدد الماضي من هذه المجلة، أبنت فيه كيف أن