للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإذا سألني ماذا تتمنى فهو لا ينتظر مني أن أحيله إلى السعادة مجملة غير مفصلة، بل هو ينتظر مني أن أبين له الأمنية التي تسعدني أن ظفرت بها، أو التي أعتقد أن طريقها هو طريق السعادة وإن لم أصل إليها

وكذلك لذة الحياة أو لذات الحياة. فهي مسألة وظيفة من وظائف البيئة الحية لا تحتاج إلى سؤال، وما من حي إلا وهو يشتهي أن يشعر باللذة وأن يجتنب الألم.

وغاية ما بين الأحياء من فروق في هذا الباب أن يختلفوا في أسباب اللذة ودرجاتها على نحو قريب من اختلافهم في أسباب السعادة ودرجاتها

هي وظيفة وليست أمنية.

ومن قال إنني أطلب اللذة فكأنما قال إن لي معدة ولي عينين ويدين وقدمين، وذلك غني عن المقال.

أما الحب وأنه أمنية للشاعر وإخوانه من رجال الفنون فذلك صحيح.

ولكن من قال إن (التعبير عن النفس) لا يشمل الحب في بعض نواحيه؟

ومن قال الاشتياق إلى الحب والاشتياق إلى التعبير عن النفس شيئان مختلفان؟

إن الإنسان لا يجد في شئ كما يجدها في الحب، وإنه لا يعرف ما فيها من قوة وضعف، ومن عطف وجمود، ومن رحمة وقسوة، ومن خفايا وظواهر، ومن فجيعة وضحك، ومن حكمة وحماقة، وممن إنسانية وحيوانية كما يعرف ذلك جميعه في الحب

فالحب ومعرفة النفس صنوان.

ومعرفة النفس منتهية لا محالة إلى العبير عنها، ولم يكن هذا التعبير بالمنظوم والمنثور

ونحن حين قلنا إن (التعبير عن النفس) يجمع ما تفرق بين الثكنة والصومعة والروضة الأدبية قد قصدنا أن تحيا النفس أولاً وأن تشعر بالحياة شعورها الخاص بها أن يتاح لها تمثيل ذلك في صورة من صور التعبير.

ولم نص الحب وحده بين دوافع الشرور؟

لم لا نذكر المجد أو البر أو الجهاد الإنساني أو الوطنية أو غير ذلك من معارض الشعور ومعارض الشوق إلى التعبير؟

فالتعبير عن النفس عندنا كلمة مقابلة للشعور بالنفس. ومتى شعرت النفس بحقيقتها

<<  <  ج:
ص:  >  >>