والإثمار وإعطاء الأسرار للأبناء بعد أخذها من الآباء. . .
ماض (مَيّاً) لو عاشت (أنثى) للبيت والأمومة والفن المخفف بدل تلك الرهبانية التي اختطفها من رحاب الحياة وانتهت إلى اختطافها من صومعة الفن كذلك؛ فحرمت العروبة وحرمت الأدب من أعذب صوت نسوي يشدو ببيان عربي؟
إن الفن تفر إليه النفس لتخفيف أعباء الوقع؛ فينبغي ألا يتخذ غذاء دائماً للنفس وإلا فقد سحره وأورث النفس سآمة لا دواء منها. ومن أين الدواء وقد صار (أفضل ما في النفس يغتالها). وصارت الغصة مما كان يزيل الغصة؟!
وما كان ضرها لو مرت بموت أبويها كما يمر سائر الناس بموت الآباء والأمهات: بكاء على الفراق حتى نتعود الفراق، فيندمل الجرح وننسى إلا في ساعات الذكرى التي لابد فيها من استحضار صور الأحباب والأعزاء الذاهبين، فتدمع عيوننا دمعاً لذيذاً رقيقاً يغسل غشاوات القلب بما غير حميم لذاع. . .
إن احتجاز الأحزان الثقيلة واجترارها أعظم ما يبتلى به القبل به الأعصاب ويمحو بشاشات الأيام ويحبس النفس في جدرانها تحت ظلل من الخواطر القاتمة. . .
مسكينة (مي)! استغنت عن صداقتها ومجالس أسمارها وأحاديثها في أشد أوقات حاجتها إلى السلوى بها!
لقد نجاها الموت من عذاب مثلث الأوجاع: التفرد، والشكل، والمرض. . . وما كان لأنثى أن تحمل مثل ما حملت وتنهض به. . .