للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ولا احتراس.

صديقنا (تيمور) مفتون بالمستشرقين، وما أريد بهم الجماعة التي تعني بدرس حياة العرب قبل الإسلام، أو الجماعة التي تدرس حياة العرب في عصر النبوة، أو الجماعة التي تدرس حياة المدنية الإسلامية في عهود العباسيين والأمويين، أو الجماعة التي تدرس ما صار إليه أدب العرب بعد سقوط بغداد، أو الجماعة التي تدرس العقلية العربية فيما سيطرت عليه من الممالك الأوربية. ما أريد هذه الجماعات العلمية، فمحمود تيمور لا يلتفت إلى هؤلاء العلماء، وإنما يلتفت إلى المستشرقين المشغولين بدرس الأدب العربي الحديث، وهم شبان على جانب ضئيل من التحصيل ولا يهمهم غير البريق

وأنا أعرف هؤلاء الشبان، وأعرف غرضهم القريب والبعيد. همُّ هؤلاء الشبان أن يوحوا إلى أبناء العرب أن مصير اللغة العربية مصير اللغة اللاتينية سواءً بسواء، وقد تفرعت اللاتينية إلى لهجات، فما الذي يمنع من أن تتفرع العربية إلى لهجات؟ وهل يكون ما بين مصر والشام والعراق من وشائج أقوى مما كان بين الفرنسيس والطليان والأسبان؟

يجب أن تحرص كل أمة من الشرق العربي على وجودها الذاتي بحيث يصيح لكل أمة لسان، وإلا فهي أمم متأخرة لا تنصاع لقانون التطور، وهو قانون!!!

وهؤلاء من المستشرقين يسرهم أن يسجلوا أن أول من كتب العامية بحروفها النطقية هو فلان، والأستاذ محمود بك تيمور يسره أن يكون ذلك الفلان.

ألم تقرءوا المسرحيات التي نشرتها مجلة (الحوادث) منذ أسابيع، مع تقديم لطيف يشير بجعل العامية لغة الأدب المسرحي في هذه البلاد؟

هذا الصنف من أهل (الاستشراق) له تأثير سيئ في حياتنا الأدبية، وهو يظلل الجمهور أشنع تضليل. ألا ترونه يقدم ويؤخر في أقدار الأدباء، مع أن نقاد الأدب في بلاد العرب هم أصحاب الحق الأول في تقويم الآثار العربية؟

منذ أعوام نشرت جريدة (باري سوار) مقالات دمية عن (ليالي القاهرة)؛ ورأت الحكومة المصرية أن تمنع تداول تلك الجريدة في مصر بسبب تلك المقالات، فما قصة الكاتب الذي قال في (ليالي القاهرة) ما قال؟

هو أديب فرنسي قدم القاهرة ولم يزر غير الحانات، فكان نصيبه نصيب المستشرق الذي

<<  <  ج:
ص:  >  >>