وأندر من ذلك أن نراه يهتم بتصوير الأزمات التي تصارع كبار العقول. وهل تخطر هذه الأشياء على بال وهو لا يتمرس بالجانب الوعر من صخرة الوجود!
محمود تيمور يهتم بدرس الطبقات الفقيرة، مع أنه (ابن ذوات) فما سبب ذلك؟
أكاد أجزم بأنه يختار الجانب الأسهل من الدراسات النفسية؛ فالفقير ينفض همومه بين يديك حين تحادثه لحظة زمان، أما الغني فيطوي همومه عن جميع الخلائق، وقد يلهو ويلعب وبين ضلوعه نيران تأكل الجبال.
الغني يعرف عن الفقير كل شئ، لأنه يراه في كل وقت ممثلاً في الخادم أو السائق أو الصانع أو الفلاح، ومن إلى هؤلاء من تقوم على كواهلهم قواعد المجتمع، وهم لسذاجتهم ينطقون بما يشتجر في صدورهم من آلام وآمال. ولو شئت لقلت إن الفقير يتحدث عن كل شئ، حتى الدسائس التي يحوكها عقله الضيق، والحيل التي يصوغها ذهنه الكليل.
فهل تحتاج متاعب هؤلاء إلى كاتب فنان؟
تمد يديك لمعاونة امرأة فقيرة على ركوب الترام فتهتف:
(الله لا يغلّب لك ولية)
وهي كلمة لا يهتف بمثلها الغني ولو أنقذته من أنياب القضاء في تهمة تبديد
محمود تيمور رجل هادئ أو كسلان، وإلا فكيف جاز أن يقضي عشرين سنة في صحبة القلم بدون أعداء؟ وكيف يعادي رجل لم يستطع قهر الجمهور على درس إحدى المعضلات؟!
هو طبيب في يده مشرط، ولكن مشرط (هذا) الطبيب صورة ثانية من المرسوم فوق صفحة من كتاب!
وذلك مصير كل كاتب يهتم بإرضاء الجهلاء المتعالين، وهم دعاة الموت، أو هم الأموات وإن تردوا بأردية الأحياء
فمتى ننقل تيمور إلى صفوف المكافحين لنضع في دمه شيئاً من الحديد؟
فتنة المستشرقين
محمود تيمور من أكابر العقلاء، ولكنه مهدد بأحد الأخطار المواحق ومن البر بصديقك أن تبذل في نصحه ما تملك، وهذا الرجل من أعز أصدقائي، فأنا ماض في نصحه بلا تحفظ