للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الغرامية الكثير عن (هي) المعهودة.

وما كانت (هي) المعهودة إلا (آنا) ابنة موظف في مكتب (تسجيل العقود) في القرية، لكنها ما كانت تحبه كما يحبها. كان اهل القرية يقولون عنه انه يشبه (السيد) ولكن ليس فيه شيء يسترعى النظر.

هو نحيف طويل بعض الشيء. قد صار يوما بتأثير الأمير ملازما في الجيش ثم ورث عن عمته نقودا واستقال من وظيفته أما (هي) فقد ذهبت لتقيم في بيت صديق لها وتزوجت واقفل هو مكتبه على قصائده الغرامية حيث ظلت وستظل إلى يوم موته.

أنشأ يشتغل بالزراعة وحاول العمل في مكتب الحكومة في القرية ولكن لم يسعفه الجد.

ومرت الأيام وانقضت الشهور وتعاقبت السنون، واصبح فلاحا حقيقيا: سترة طويلة تصل إلى ركبتيه وشاربان طويلان أسودان، على انه ما كان يعلم إن وجهه المنضمر المغضن بعض الشيء وما كان يعلوه من إمارات الحنو كان جميلا جذابا.

انه اليوم حزين مكلوم. وجاءت إليه في الصباح خادمة (اكرافية) التقية الورعة وذكرت له بين ما حدثته به (أتذكر السيدة (آنا) يا سيدي؟

- فأجابها الكابتن ايفانيش. نعم

فقالت له ماتت ودفنت في خلال أيام الصوم.

وبعد هذا لبث الكابتن ايفانيش طول يومه مرتسمة على شفتيه ابتسامة مضطربة غامضة. وفي المساء، وما أهدأ ذلك المساء وما اشده سكونا، وما أعمقه كآبة - لم يتناول عشائه ولم يذهب إلى فراشه مبكرا كعادته. بل تناول في يده لفافة غليظة من تبغ اسود قوي وظل جالسا إلى نافذته واضعا ساقيه الواحدة على الأخرى.

أراد أن يخرج من البيت ويذهب إلى مكان ناء، ولكنه سال نفسه: إلى أين؟!. أيذهب لصيد السمان؟ ولكن لم يبقى وقت لذلك، ثم ليس هناك من يرافقه. أيذهب؟ أم لا. . . لم يرق له صيد السمان. تنهد وخبط بيده ذقنه غير الحليق.

ثم قال في نفسه (ان حياة الإنسان لقصيرة ضنينة).

أترى الحقبة طويلة من يوم كان فتى في ميعة الشباب حتى الآن مدرسة أبناء الجنود - حسنا إنها ولت. . . إلى حيث لا رجعة. . . قر وسغب ولغب - أسفار إلى عمته، ما

<<  <  ج:
ص:  >  >>