مناقشات جدية عنيفة أصدر المجتمعون بأغلبية الأصوات قراراً يمنح المرأة درجة (الإنسانية)، ولكنه يقضي فيما عدا هذا بأنها (لم تخلق إلا لخدمة الرجل)!!
ويذكر التاريخ أن أهم إنصاف نالته المرأة قبل ظهور الإسلام بنحو ربع قرن ما منحه إياها القانون الروماني، فإن هذا القانون قد ترك للعذراء والأرملة كل حريتهما ما دامتا بالغتين سن الرشد. أما المتزوجة فقد وضعها تحت سلطة زوجها المطلقة؛ فهي، بحسب هذا القانون أشبه ما تكون بالمحجور عليه أو القاصر من الناحية القانونية، ولزوجها السلطة الواسعة في مراقبة شئونها الشخصية، وهو حر التصرف في ملكها ومالها من دونها، وله أن يمنعها من الاجتماع بأي شخص لا يريد اجتماعها به، وأن يفض رسائلها الصادرة منها أو الواردة إليها!
(وكما أنه من جهة أخرى كانت الكنيسة في القرون الوسطى تعلم الأولاد أن الوحشية صفة التنين، وأن المكر صفة الأفعى، وأن المرأة قد جمعت بين الرذيلتين، وكان رينان الفيلسوف الفرنسي العظيم (١٨٣٣ - ١٨٩٢) يلاحظ أن الكنيسة رفعت المرأة إلى درجة جلب الخطيئة! ونرى مارتن لوثير المصلح الديني الألماني الكبير، ومؤسس المذهب البروتستنتي في النصرانية (١٤٨٣ - ١٥٤٦) قد كان نصيراً لمذهب القائلين بحرمان المرأة من الثقافة. ونرى أيضاً الملك هنري الثامن يصدر أمراً بتحريم مطالعة الكتاب المقدس على النساء وآخرين من طبقة منحطة! وقد كان النساء طبقاً للقانون الإنجليزي العام (حوالي سنة ١٨٥٠) غير معدودات من (المواطنين)؛ وكان لذلك مباحاً لبعولهن أن يضربوهن بعصا لا يزيد حجمها على رأس الإبهام. كذلك لم يكن لهن حقوق شخصية، ولا حق ملكية في ملابسهن ولا في الأموال التي يكسبنها بعرق الجبين)!
وقد حدث، في عهد قريب، أن باع رجل إنجليزي زوجته لشخص كان يغازلها بخمسمائة جنيه بسبب فقره وعدم توافق طباعهما. ولما قدم الزوج المحاكمة قال محاميه للقاضي أن لا وجه لإقامة الدعوى لأن القانون الإنجليزي كان يبيح بيع الزوجات، بل لقد بلغ (سعر) الزوجة في سنة ١٨٠١ ستة بنسات (أي نحو ٢٤ مليماً)!! ولكن القاضي لم يأخذ بدفاع المحامي اللبق، وقضى بالحكم على الزوج بخمس سنوات، ذاكراً في أسباب حكمه أن القانون الذي يشير إليه المحامي ويستند عليه قد ألغى في عام ١٨٠٥ (أي بعد نزول