بتأثير هرمون هذه الغدة يتميز الأذكياء عن الأغبياء والأقوياء عن الضعفاء بالرغم من أن ما يوجد منه في الجسم مقدار يسير
أما هرمون الأدرنالين وهو مما يفرزه الكظران، فذو علاقة كبيرة بالتعبير عن الانفعالات القوية، ذلك أنه يؤثر في الشجاع فيقدم وفي الجبان فيحجم، ولهذا يزداد إفراز هذه المادة إذا تعرض الإنسان إلى خطر، وبمقدار هذه الزيادة تزداد قوته العادية فيندفع إلى القتال والاستبسال أو إلى التعلق بأذيال الفرار
وقد جاء الأطباء أن مركز الانفعال كائن في جزء من مؤخرة الدماغ، وأن بينه وبين الكظرين صلة وثيقة، فإذا وقف الإنسان في موقف أغضبه أو أخافه فأن مركز انفعاله في الدماغ يرسل في الجهاز العصبي سلسلة من الرسائل إلى الكظرين فتحملهما على إفراز هرمون الأدرنالين لإيصاله عن طريق الدم إلى الكبد، حتى إذا وصله حمله على إطلاق بعض السكر المخزون فيه لإيجاد طاقة جديدة، يدفع بها المرء عنه الخطر بالمقاتلة أو الهزيمة
إن هذه الحقائق العلمية تذكرني بما كتبه أحد الأساتذة في موضوع الرقة في النفس والذهاب إلى أنها من مظاهر القوة دون أن يقوم هذا التقرير على غير مجرد التفكير والإدلاء بالأدلة البيانية والواقع أن رقة النفس ككل ظاهرة أخرى إنما تقوم على أصول فزيولوجية تبعثها بعض المواد الكيميائية وليست هي وليدة ضعف أو قوة، وقد نجد قوي النفس أو الجسم قاسياً أو رقيقاً
إن جريمة القتل وهي أفضع ما يجره الإنسان على غيره، قد تصدر عن رجل لم تعهد فيه القسوة أو الغلظة، ذلك لأن الجاني لا يقوم بالجريمة مندفعاً بعامل من دماغه وإنما هي شيء يقع مما وراء الدماغ حيث يقوم الخلل في توازن ما تفرزه الغدد الصماء حتى لقد قال أحد العلماء:
إن غدد القاتل هي التي تسحب المسدس وتسدده نحو القتيل وتطلق عليه النار فترديه، وأن غدد السارق هي التي تنقل قدميه إلى مكان الجريمة، وهي التي ترفع يديه لأخذ مال الغير، وهي التي تدفع به إلى التواري والهرب.
فالإنسان من حيث تركيبه الكيميائي يقوم بالإجرام كما يقوم بغيره ومظهر الرقة ولطف