للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المزاج قد يكون في الجاني وقد يكون في غيره، بالنظر إلى قيام أو عدم قيام المواد الكيميائية التي ينبعث عنها ذلك المظهر.

وما تقدم في صدر هذا المقال عن قرض الشعر لا يخرج عن حدود الواقع، وقد ضربت لقريحة الشاعر مثلاً بالبطرية الكهربائية، فتأليف القصيدة يستهلك من قوي القريحة ما تحتاج فيه إلى أمد تستطيع به إعادة خزن ما فقد، شأنها في ذلك شأن البطرية الكهربائية فإنها تحتاج إلى الشحن المستديم بقدر ما تطلق من كهرباء.

هذا قانون طبيعي يجري حكمه على قريحة الشاعر كما تنفذ كلمته على البطرية الكهربائية سواء بسواء والنتيجة الحتمية لهذه الخاصة الآلية، هي أن الشاعر إذا أجهد ذهنه في قرض الشعر غير مبال بالاستهلاك دون التعويض، انحدر شعره إلى هوة الضعف في معانيه ومبانيه، كشأن كل مصباح يوصل بتيار بطرية لا يأتيها المدد بعد أن تنفذ.

إن عمل الفنان ورجل الصناعة وجناية الجاني، كل أولئك آثار ما تنفعل به مجاميع المواد الكيميائية، ولكن مجال هذه المواد لم يزل البحث فيه عند بداية طريق طويلة، ومتى يصل البحث فيه إلى الذروة يظهر كل شيء عند هذه المواد.

(بغداد)

حسين الظريفي المحامي

<<  <  ج:
ص:  >  >>