يذكرنا هذا بما قاله المتنبي في ابن كيغلغ في ميمته التي أولها: لهوى النفوس سريرة لا تعلم؟ ولندع المتنبي فقد تقفي آثاره كل من جاء بعده فتأثر به بعضهم وسطاً عليه البعض؛ ولننظر إلى البحتري يصف بركة المتوكل:
إذا علتها الصبا أبدت لها حبكا ... مثل الجواشن مصقولاً حواشيها
ولنضع إلى جوار هذا البيت بيتاً لأبن حمديس يصف بركة المنصور:
أنا لنجد الجوهر في البيتين واحداً، ولا يقبل بأي حال أن يحمل هذا محمل السرقة، وإنما هو تفاعل نشأ من امتزاج شعر الشاعر المتقدم بنفس الشاعر المتأخر
على هذا النحو من التفاعل يكون أثر الطبيعة في شعر الشاعر أو نثر الكاتب الذي يفهم لغة الطبيعة ويتأثر بصورها ويؤخذ بمظاهرها، ويفتن بجمالها ويؤمن بجلالها: تفيض عليه غيثاً دافقاً، وتوحي إليه وحياً صادقاً