للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وكثيراً ما يرفع الخادم الكلفة مع سيده فيضحك ويمزح معه. وفي بعض الأحوال الأخرى يخضع كل الخضوع ويظهر له كل الاحترام، ويتقبل كل ما يوقعه عليه من العقوبة البدنية بهدوء الأطفال.

ويراعي السيد الخادم العبد أكثر من الخادم الحر؛ ويحيا العبد حياة توافق طبيعته الكسولة. ويمكنه إذا كان غير راض عن عمله أن يجبر سيده على بيعه. وأغلب عبيد مصر يلبسون الملابس العسكرية التركية. وهم على العموم أشد الناس تعصباً في مصر وأكثر تعوداً على إهانة المسيحيين وكل من كان على غير دينهم الذي اعتنقوه دون أن يعرفوا من مبادئه أكثر مما يعرف أطفال العرب الذين لم يمض عليهم في المدارس أكثر من أسبوع. وسأذكر بعض أخبار الجواري في الفصل القادم.

ومعرفة أحوال المصريين المحدثين كثيراً ما تجرنا إلى مقارنة عاداتهم المنزلية بعادات الأوربيين في القرون الوسطى؛ وما في هذه المقارنة من مشابهات، تعتبر اكثر تأثيراً مما فيها من مباينات، هذا بالنسبة للرجال؛ أما بالنسبة للنساء فالآمر على العكس

الآن وقد أطلت الحديث عن الرجال يجب أن أنتقل إلى الكلام عن الحريم. ولكن يجب أولاً أن أذكر بعض الشيء عن الزواج وحفلاته.

يعتبر المصريون امتناع الرجل عن الزواج بلا مبرر عند بلوغ السن الملائمة مخالفاً للآداب ومسيئاً للسمعة. وقد لقيت أنا نفسي لارتكابي هذه الخطيئة (أقول ذلك حتى لا أذكر ما هو أشد قسوة)، مضايقات ومكاره كثيرة، واحتملت عتاباً شديداً أثناء زيارتي الأوليين لمصر. فقد بدا لي في المرة الأولى أن أنتقل من المنزل الذي سكنته بعض شهور في شارع كبير من شوارع القاهرة إلى منزل آخر في حي مجاور، وكتبت عقد الإيجار ودفعت العربون، ولكن جاءني وكيل المالك بعد يومين يخبرني أن سكان الحي وأكثرهم أشراف يعترضون على سكني بينهم لأنني أعزب؛ ولكنهم يقبلونني بكل سرور إذا اقتنيت على الأقل جارية تنفي عني عار العزوبة. فأجبته إنني لا أنوي الإقامة بمصر فلا أحب أن أتخذ لي زوجة أو جارية قد يضطرني الرحيل إلى تركها. فأعاد إلي العربون. وساعدني الحظ في حي آخر فلم يعترض على عزوبتي أحد، وإنما طلب مني الوعد بعدم السماح لأي شخص يلبس القبعة أن يزورني في الحي. ولكن بعد أن أستقر بي المقام أخذ شيخ الحي

<<  <  ج:
ص:  >  >>