يحاول إقناعي بوجوب الزواج. ولم يقم وزناً لكل ما أبديته من الحجج التي تمنعني عن الزواج وقال:(تذكر لي أنك تريد ترك مصر بعد سنة أو سنتين. وأن هنا أرملة شابة جميلة تسكن على مقربة منك، ويسرها أن تصبح زوجتك مع رضاها بأن تطلقها حينما تترك البلد. وفي وسعك طبعاً أن تفعل ذلك إذا لم تعجبك.) وقد استطاعت هذه الشابة مراراً أن تجعلني أبصر وجهها الجميل أثناء مروري بالمنزل الذي تسكنه مع أهلها. فقلت لصاحبي إنني رأيت وجهها بطريق الصدفة، وإنها آخر امرأة أرغب في الزواج منها في مثل هذه الظروف لتأكدي من أنني لا أستطيع طلاقها أو فراقها إذا عشت معها. وقد شق عليّ أن أسكت صديقي الخدوم. لقد ذكرت في المقدمة أن الأعزب أو من لا يقتني جارية يضطر إلى السكنى في الوكالة إلا إذا كان يعيش مع أهله، ولكن الإفرنج الآن يّعفون من هذا القيد.
وتبلغ المصريات في سن مبكرة قبل نساء البلدان الباردة. وكثيراً ما يتزوجن في الثانية عشرة أو الثالثة عشرة. وقد ينضجن قبل السن بشكل يستحق الاعتبار ويتزوجن في العاشرة. إلا أن هذا الزواج المبكر غير شائع. وقلما تبقين بدون زواج بعد السادسة عشرة. وقد تصبح الفتاة المصرية أماً في الثالثة عشرة أو قبل ذلك. ونساء مصر على العموم ولودات، ولكن الأجنبيات اللاتي توطن مصر عقيمات غالباً. ويندر أن يعيش من يولد في مصر من أولاد الأجانب إلى سن الكهولة ولو كانت الأم مصرية. ولهذا يرجع السبب في تبني المماليك المعتقين غيرهم من المماليك.
ومن الشائع بين العرب في مصر وغيرها أن يتزوج الرجل من ابنة العم أو الخال. ويستمرون بعد الزواج على التنادي بألقاب القرابة. لأن رابطة الدم لا تفصم، ولكن صلة الزوجية عرضة لزوال. ومثل هذا الزواج يدوم على العموم بسبب رابطة القرابة، وقد تربطهما وحدة البيئة في طفولتهما، ولكن قلما يسمح للفتى أن يرى وجه قريبته في الطبقتين العليا والوسطى، أو يقابلها أو يحادثها حين تقرب من سن البلوغ إلى أن تصبح زوجته.
ويتم زواج العذراء بالطريقة الآتية، إلا إذا كانت أرملة أو مطلقة فيكون الحفل صغيراً. تبدأ أم الراغب في الزواج أو إحدى قريباته بوصف الفتاة التي تكون عرفتها وذكر أحوالها، وترشده في اختياره. وقد يستخدم خاطبة وهي امرأة عملها أن تساعد الرجال في الزواج.