مدارس المعلمين أوسع من منهاج مدارس المعلمات؛ والمعلم يزيد في ثقافته بالدرس والمطالعة، بينما المعلمة لا تفكر في شيء من هذا بعد خروجها من المدرسة. والوزارة نفسها جعلت مناهج البنين غير مناهج البنات في المدارس الإلزامية! وفي كل هذا ما لا يستقيم مع رأي سعادة الوكيل!
على أن الوزارة قد حاولت تجربة هذه الطريقة منذ خمس سنوات، فأشركت المعلمات مع المعلمين في مدارس البنين. وترتب على هذا أن ساءت الحالة العلمية وأختل النظام؛ لأن المعلمة كانت تقف في وسط التلاميذ حائرة. فإذا ثاروا وعجزت عن إسكاتهم جلست تبكي مغلوبة على أمرها، حتى يأتي أحد المعلمين فيسكت التلاميذ عند رؤيته ويلزم كل وأحد منهم عمله!
وأذكر أن معلمة ذهبت تشكو لرئيس المدرسة تلميذاً، لأنه كان كلما ضربته بالمسطرة على يده يضحك ويسألها المزيد!
واضطرت الوزارة أخر الأمر وبعد أن ضج المفتشون من الفوضى. إلى تخصيص المعلمات بالتعليم في مدارس البنات! وإذن يكون القول بإحلال المعلمات محل المعلمين في المدارس الإلزامية مجازفة غير مؤمنة العاقبة، وفكرة أثبتت التجارب السابقة فشلها!
وأكبر ظني أن مثل هذه الآراء المرتجلة، هي التي أضاعت التعليم الإلزامي، وأفسدت طرائقه، وغيرت حقائقه، وحالت بينه وبين الإنتاج المنشود. ولو أنصف القائمون بأمره لردوا الأشياء إلى أصولها، والأصول إلى قواعدها، ولرجعوا إلى المعلم يسألونه رأيه فيما هم فيه مختلفون، ويستخبرونه عما لا يعلمون.