ولا مشاحة في أن بين المسلمين من أساءوا إلى دينهم بفساد تطبيقهم لنصوصه، وجمود تفسيرهم لروحه، وإن المرأة المسلمة لو أتبعت أحكام دينها، وأنصفها الرجل الأنصاف الذي تمليه تلك الأحكام لما أصابها حيف، ولما عاقها ذلك مطلقاً عن رقي صحيح رفيع. فدينها فضلاً عن تقريره لحقوق لا تنالها أخت لها من أي دين وملة جعلها جوهرة بالغ في صيانتها من كل عبث واستغلال. وإذا كانت المرأة الأوربية قد نالت نصيباً كبيراً من الاحترام بفضل تعليمها فإنها لا تتمتع في شرعيتها، ولا في قوانين بلادها بمثل الحقوق الرائعة التي قررها الإسلام. وقد اضطرت إزاء ذلك إن تعوض ما فاتها من حقوق بالحرية الواسعة النطاق التي حصلت عليها، والتي لا ضابط لها م مما أدى إلى حرج مركزها الشخصي، وفقدانها ما هو أعز من هذا القدر الزائد من الحرية، ومما نتج عنه من تفكك عري الأسرة الأوربية، وانهيار المجتمع الغربي تفككاً وانهياراً كانا الشرارة التي أشعلت لهيب الحرب المدمرة الحاضرة. وأظنني لست بحاجة إلى تذكير حضرات القراء بقول بيتان رئيس الدولة الفرنسية، بعد سقوط فرنسا الأخير، ولا بما فعله بعض ساسة أوربا وزعمائها من رد المرأة إلى بيتها لتقوم بمهمتها الأصلية، وتضيق حريتها تضيقاً تمليه مصلحتها الخاصة، ومصلحة المجتمع عامة إنقاذاً للأسرة والأمة معا.