وإذا استجاز (المدرس) أن ينظم القصائد الطوال في الشوق إلى الرغيف وهو مدرس يقتات بالعواطف والأحاسيس، فماذا يصنع (الفلاح) أو (الصانع) وهما شخصيتان تعتمدان في القوت على الرغيف؟
لعل الأيام أرادت أن تعلمني ما كنت أجهل، فقد طال مني التجني على الصوفية (وكانوا يدعون إلى التحرر من ربقة الرغيف) فهل كان للرغيف مثل هذه الآفة في العصور الخوالي؟
ولعل الأيام أرادت أن تقنعني بأني صرت من الحكماء من حيث لا أعرف، فقد هجرت الخبز منذ أعوام طوال، واكتفيت بما تيسر من الخضروات، بغض النظر عن اللحم الذي نأكله باسم النقد الأدبي، وهو لحم غاب أسمه عن (دولة الحاكم العسكري) فلم يفرض على من ينتاشه أي عقاب!!!
ما تهمني أزمة الرغيف، وإنما تهمني أزمة القلب
ولو كان في وزراء مصر لهذا العهد من عانى أزمات القلوب لعرف كيف يحارب أزمة الرغيف، لأن القلب هو الأساس في فهم أخطار الوجود.
الظبية تجترئ بالعشب فتستغني عن الماء، ومن أجل هذا سُمَّيتْ جازية، و (جازية) اسم من أسماء الملاح في هذه البلاد وإن لم يعرف الجمهور ما فيه من معنىً ملفوف
فإذا فقدت الظبية العشب، فكيف تعيش وبه غنيتْ عن الماء؟
لن أنسى أبداً سخرية (فاجيه) من (أفلاطون)، وفاجيه كان أكبر من اهتممت بآثاره الأدبية والفلسفية من بين أقطاب الأدب الفرنسي، وعن سيرته تعلمت أشياء هي الهادي والدليل في حياتي الأدبية، فأنا أسجل كل ما يعتلج في صدري قبل أن يضيع، ثم أقدمه للجرائد والمجلات حين أشاء، بلا تقيد بالمكان والزمان!
وفي هذه المرة أكون أعظم من أستاذي فاجيه، فقد سخر من تسامى الفلاسفة إلى ولاية الحكم وهو ينقد أفلاطون. أما أنا فأرى أن الفلاسفة هم أقدر الناس على إقامة لموازين بالقسطاس.
نحن، رجال القلم، أعرف خلق الله بما يشتجر في الصدور من الآم وآمال
كانت الحكومة إلى رجال يعيشون في حصون تقفل أبوابها بالنهار وبالليل: فلا يعرفون ما