للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(أبا شوشه) أكل عليقه، وأن الصحة عاودته. . .

يا لسخرية الحاضر من الماضي!!

نرى مؤنس ينتفض فجأة وكأنه، خرج من حلم بعيد وينطلق نحو الباب والفرحة ترقص أمامه، ويدعو حسنية إلى أن ترافقه إلى مذود العجل؛ ولكنها ترفض فيتركها وقد نسى القاهرة وحفلة العيد!!

هذا المشهد هو الرواية كلها، وقد وفق تيمور في التمهيد لانطلاق الإيحاءات الباطنة التي كانت تطرق مؤنس وتجعله وهو لا يدري ينقض ما يبرمه وهو يدري. وفق تيمور في هذا بطريق إيرادها جسات نفسية خاطفة كانت تلوَّح للأمر المزمع، والغاية المقصودة.

وتجري بعد هذا المشهد الحافل مشاهد إضافية، نرى (حسنية) في أحدها تعلن لمن جاءوا الضيعة معها أن (مؤنس) سيحضر حفلة عيد ميلادها بالقاهرة؛ ولكن سرعان ما يحضر مؤنس وقد امتلأت نفسه نشاطاً وفاضت غبطة ليعلن الحضور بدوره أنه سيشترك في المعرض الإقليمي بمنتجاته الزراعية، وكان قبل ذلك متردداً في هذا الاشتراك. تمتعض (حسنية) وتقطع الحديث وهي تقترح العودة إلى القاهرة، لأن لديها ما يشغلها لإعداد حفلة عيد ميلادها. وإذ ذاك يتذكر (مؤنس) أمر هذه الحفلة، ويبدي حيرته كيف يوفق بين الاشتراك في المعرض وحضور حفلة القاهرة. . . ولكن (حسنية) تتدخل في الأمر تدخلاً عابراً من باب جبر الخاطر - وأغلب الظن أنها بدورها أحست فتوراً من الرجوع إلى شيء مضى وفات - ويعتذر مؤنس عن حضوره الحفلة وكأنه أنقذ من ورطة قادمة!

وتنتهي المسرحية بأن ترحل (حسنية) إلى القاهرة لتعيش هناك في (حاضرها)، ويبقى (مؤنس) في قصره الريفي ليعيش بدوره في (حاضره).

كل هذا يجري ولم نر المؤلف يجعل بطلي المسرحية (مؤنس وحسنية) يحاولان تعليل تلك الإيحاءات الباطنة وتفسيرها بطريق المنطق، بل جعلها تعرض نفسها خطفاً، وبهذا خالف النهج الذي نهجه في مسرحيته الأولى (الصعلوك) وحسناً فعل.

والآن نتساءل ما الذي يلبس هذا الرجل (مؤنس بك) الفينة بعد الفينة، والموقف واحد لم يتبدل زمانه ومكانه، فنراه يتخبط وينقض فعلاً ما أبرمه كلاماً ويتأرجح بين قوتين عنيفتين تشهد كل منهما من ذراع لتجتذبه أحدهما في النهاية؟؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>