ولن تنزع الراية الأدبية من أيدينا، ولو عاد عهد الخلفاء في قرطبة ودمشق وبغداد، فإن شاء بنو الأعمام والأخوال أن يناضلوا من جديد فنحن على استعداد للنضال
وهل يحتاج بنو الأعمام والأخوال إلى مثل هذا الوعيد؟
إن عطفهم مبذول بغير حساب، ونحن لا نشكو غير تجني الحكومة المصرية، فهي لا تعترف للقلم بحق إلا إن كان صاحبه من السياسيين، وسنؤلب جميع أدباء اللغة العربية على الحكومة المصرية، فلتعرف هذه الحكومة أن صبرنا لن يطول على تجنيها الجميل!
أما بعد فقد عز على أن يحظى ناس بمقابلة جلالة الملك، ثم لا يكون نصيبي غير كتابة اسمي في دفتر التشريفات، وأنا من فئة قليلة تحمل المصابيح لإنارة القلوب والعقول، ولها فضل معروف أو مجهول في بناء هذا الجيل
وكذلك قررت الصوم عن القاهرة في هذا اليوم، والصيام في العيد حرام لا حلال، فهل يغفر الله هذا الذنب الدميم؟
أين أنا من القاهرة؟ وأين القاهرة مني؟
لقد سكنت الدنيا من حولي، ولم يبق غير الأصوات الصواخب في أعماق الوجدان
أهو يوم أضعته؟ لا، والله، بل هو عمر ضاع، فليس من رؤية القاهرة عوض، ولو انتفعت بالاعتكاف لتسجيل أعظم حديث يجود به القلب الخفاق
وهل استوفيت حظي من الحياة حتى أسأل عن نصيبي من القاهرة في مثل هذا اليوم؟
صمت عن القاهرة في يوم يحرم فيه الصيام، فما جزائي؟
الجزاء هو الحرمان من رؤية وجهها الأصبح في يوم عيد، وقد تجمعت الخلائق لشهود معترك الحسن والوجد في ساحتها الفيحاء. . .
للقاهرة في كل يوم مذاق، فكيف أصوم عنها في يوم العيد، وهي فيه ألوان من الأذواق؟ أمن أجل الغضب لقوم لا يغضبون لأنفسهم أصوم عن القاهرة في يوم عيد، وهو فيها صنوف، من الحسن الموصوف؟
لقد ضحيت ما ضحيت لأغنم الثواب في التنويه بجمال بلادي، فما ثوابي عند القاهرة، وقد جعلت الصيام عنها في العيد من المحرمات؟ الجواب عند روحها اللطيف.
زكي مبارك