فزان وحدود برقة شرقاً، وعمل على حفر قنوات لجلب المياه العذبة للمدينة من العيون القريبة، فضلاً عن حفره عيناً على الساحل لتزويد البحارة بالمياه العذبة، وهذا لا يعد شيئاً بجانب مسجده الذي شيده في سنة ١٧٣٨م، ومدرسته التي ما زالت عامرة بالطلبة حتى يومنا هذا تستمد نشاطها من الأوقاف المخصصة لها. وكان قصره ندوة لقناصل الدول لكسب صداقته. خصوصاً وأنه أتبع سياسة التسامح نحو المسيحيين فكثر عددهم في المدينة فضلاً عن أنه أحسن معاملة بعثات الفرنسسكان. هذا قليل من كثير يشهد بحسن أعمال مؤسس هذا البيت، ولولا ضيق المقام لأتيت على باقي أعمال أفراد هذه الأسرة التي رفعت من شأن طرابلس وجعلت دول أوربا تخطب ودها نظراً لما كان لأسطولها من سطوة في مياه البحر الأبيض المتوسط
ولولا ذلك الوباء الذي اكتسح المدينة على أثر مجاعة حلت بها سنة ١٧٨٤ - ١٧٨٥م والذي قضي على أربعة عشر ألف نسمة من سكانها البالغين مائتي ألف؛ ولولا تلك المنازعات العائلية من أجل تولي الحكم والتي أفسحت المجال للتدخل الأجنبي؛ ولولا دسائس قنصل فرنسا وإنجلترا لافتراس البلاد لبقيت طرابلس محتفظة باستقلالها وكيانها مدة أطول من تلك الفترة التي تمتعت بها ولكن كل هذه العوامل عجلت تداعي الكره مانلي ما ساعد تركيا على استعادة البلاد مرة ثانية يوم ٢٨ مايو سنة ١٨٣٥م. وبابتداء ذلك التاريخ تبدأ صفحة جديدة في تاريخ مدينة طرابلس الغرب حاول الأتراك خلالها إصلاح الحال ولكن الأجل لم يساعدها على تحقيق ذلك إذ سرعان ما احتلت الجيوش الإيطالية تلك المدينة في عصر يوم ٥ أكتوبر سنة ١٩١١م على أثر إعلانها الحرب على تركيا
وبابتداء هذا التاريخ أيضاً تدخل مدينة طرابلس الغرب في حياة جديدة أرجو التحدث عنها في مقال آخر مع ذكر أهم آثارها ووصف موجز لبعض إحيائها وعادات أهلها وأشهر علمائها ورجالها