للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

على صاحب الحيوان فحسب، وكذا الحال في المجتمعات المتمدينة الحديثة التي تكون قد اتصلت بالحضارة الإسلامية وتفهمت شرائعها ونظمها فأقرت ما أقرت وهدمت ما هدمته

ويخبرنا أرسطو بأنه شاهد بنفسه، في أثينا، محاكمة الحيوان المجرم في محاكم خاصة، وكثيراً ما كانت العقوبة تتناول قتل الحيوان وطرحه خارج حدود المدينة؛ ويقول أفلاطون أن حيوان النقل يؤخذ بالتبعة والعقوبة إذا أودى بحياة فرد خلال حالات خاصة كالاحتفالات الدينية والأعياد الوطنية؛ وعقوبته إما القتل أو الإحراق

وهناك نوع من العقوبات الدينية، مصدرها الكنيسة الكاثوليكية، تختلف عن بقية العقوبات اختلافاً كلياً تتناول الحيوان الوحشي دون الأليف باللعنة الدائمة والجرم الأبدي

تبعة النبات والجماد

وكما تقع العقوبة على الحيوان تقع أيضاً على النبات والجماد على حد سواء، فقبائل تقتص من الشجرة إذا أودت بحياة أفرادها وقت وقوعها والاقتصاص منها إنما يكون بتقطيعها إرباً إرباً وسحقها سحقاً ناعماً وذرها في الهواء؛ وعند سكان استراليا يحرق سلاح القاتل

ويروي التاريخ أن أحد ملوك فارس جلد البحر عقب معركة بحرية هزم فيها، وأن إمبراطور بدد ماء نهر لأنه حال دون انتصاره على أخيه

وأخبرنا ديموستين الخطيب اليوناني الكبير أنه شاهد بنفسه محاكم خاصة صلاحيتها محاكمة الجماد دون غيره، وحدث أن عائلة يونانية تسكن جزيرة رفعت الدعوى على تمثال بطل عظيم من أبطال اليونانيين لحادثة وقعت على أحد أفرادها من قطعة صغيرة منه، إلى أن فازت بالحكم على التمثال وألقت به في البحر

تلك هي التبعة والعقوبة في المجتمع البشري القديم التي أظهرت لنا حياة اجتماعية متأخرة، وبيئة حقيرة، وحضارة فقيرة وواضحت نظماً وقوانين قد لا يأخذ ببعضها أو بأجمعها المجتمع الحاضر وعادات وتقاليد قد لا يقرها أيضاً، وإنما عالجنا هذا البحث لكي توقف القارئ العربي على درجة من درجات تفكير المجتمع القديم ومظهر من مظاهر الروابط الاجتماعية فيه

رفعة الحنبلي

<<  <  ج:
ص:  >  >>