(والآن يعرف الورق أن الشتاء قادم، أنني سأحتاج إليه لدفع عوادي البرد والجليد، فهو ينخلع عني، ليتركني بلا غطاء، في قر الشتاء!)
ويسمع الورق أنين الدوح فيهتف:
- ما عتبك عليّ أيها الدوح؟ ما عتبك عليّ وقد بذلت في البر بك غاية ما أملك؟ ألا تذكر أني صبرت على مصاحبتك في السيطرة والاستعلاء شهوراً من الزمان؟ ألا تعرف أني عققت من أجلك أمنا الأرض؟ فما ذنبي إذا اشتهيت العودة إلى الأم الرءوم، وهي أيضاً تحتاج إلى من يدفع عنها البرد والجليد؟
وسمع الدوح هتاف الورق فأجاب:
- الأرض أمي وأمك، ولكني فهمت عنها ما لم تفهم، فقد حدثتني ألف مرة أنها لا تريد أن يرجع إليها غير الأموات من أبنائها الأعزاء، فإن كنت مت أيها الورق فارجع إلى أمك الأرض!
فزمجر الورق:
- أنا مت؟ أنا؟ وهل يموت من يرجع إلى حجر أمه الغالية؟
فيقول الدوح:
- نعم، ثم نعم، يموت من يرضي بأن تدوسه الأقدام، ولن يكون لك نصيب غير الدوس، يا جهول!
وهنا قال الورق للدوح:
- هل تنسى أني أدفأتك في الصيف؟
فقال الدوح للورق:
- لم أكن أحتاج إلى دفء في أشهر الصيف؛ وإنما أحتاج إلى الدفء في أشهر الشتاء