للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وساقوهم إلى شيخ صيني نبيل، فأعلمهم بعد جهد، أنهم في المدينة التي شادها (ليموجونك) الملاح الصيني العظيم.

(لقد قضى الوقت الطويل في البحث عن أعوانه. كان يرد أعواناً لا تبش وجوههم لبريق المال الذي يحيط بهم، ومكاناً لا تصل إليه الأقدام، فاختار هذا الجبل مقاماً له عندما يقفل من قرصنته في البحار. وعاش مع أصحابه حياة هادئة غامضة لا يستطيع مؤرخ أن يكتب شيئاً عنها؛ ثم أخضع القبائل التي كانت تعيش في الغابات المجاورة والجبال، وجعلهم عبيداً له طول الحياة. . .!

(ولم يفكر قط واحد منهم، لا واحد منا، أن يعود إلى البلاد المتمدنة التي يضطرب فيها كل شيء. . . فإذا ومضت هذه الفكرة في رأس أحدنا علمنا أنه مريض. . .

(ولقد وضعنا في طريق ذل العالم المتمدن عقبات كثارا لتعجز كل قوة أنسية عن اجتيازها. . . نعم، أيها السادة، تلك قصة الملاح العظيم، وإني لآسف أن أراكم بيننا، وإن سعادة هذا الشعب الهادئ الذي يعيش هنا توجب على سجنكم عندي لئلا تغروهم بالعودة إلى دنيا المصائب والبلايا. . .!)

وسجن الأصحاب الثلاثة، ولكنهم تحسسوا الأخبار، وعلموا أن ذلك الملاح الشقي، أودع كنوزه إحدى جزر المحيط قبل أن يموت. . . ففروا من سجنهم بعد أن رأوا الموت مرات، وفقدوا أحد الأدلاء. على أن الفتى (ميجيل) ما كان في هذه المرة يبتغي نوال المال، فلقد أراد أن يسعى وراء حياة هادئة، ليس فيها شيء من (الوكر) ولا (السيست) وغيرها. . .

هاهم أولاء يتيهون في البحار، ينتقلون من جزيرة إلى جزيرة دون أن يعثروا على التي سمعوا وصفها، فقرروا أن يعودوا من حيت أتوا. . . ولكن عاصفة مجنونة حملتهم على جزيرة بعيدة: كلها أعشاب خضر، وبرارٍ محروثات. . . وإذا هم بين أناس من الصين علموا أنهم أحفاد الملاح الكبير. . . وأدركوا أن تلك الأراضي كنوز الملاح. . . فعاشوا بسذاجة وانطلاق. . .

وخطر على بال القصاص أن يعود مع الفتى، فعادا. . . أما (دون أنطونيو)، فقد آثر البقاء هناك، وقال:

(لن أستطيع العيش في المدن. إن فيها جدرانا كثيرة تخنق المرء. . . كل يوم فيها اصطدام

<<  <  ج:
ص:  >  >>