يطبع ما يكرسون له أنفسهم ويضحون في سبيله بأرواحهم بطابع يوجههم إلى أشياء أجل من الحرب شأناً وأنبل منها غاية.
وسوف تعمل صحيفتي على أن تثبت قواعد المودة بين الأمم، وتدأب على توثيق العلائق بين الشعوب، لا لبغية اجتناب الحرب فحسب، بل لتستعين بذلك في الدفاع عن الحرية الشخصية والحقوق الإنسانية، ولتشق طريقها إلى إنشاء التعاون الدولي. وسوف لا يقل نصيبها في ذلك عن تصيبها فيما ستضطلع به من تجنيد جميع طبقات الشعب فيما يتصل بالشئون القومية والاجتماعية، بغية النهوض بما يتطلبه صرح الجماعة من إنشاء وتجديد.
فهل يتاح لصحيفة كهذه، احكم صنعها من الناحية الفنية، وظفرت بما طمعت فيه من الثقة والتقدير، وسارعت بإذاعة الأخبار بما طمعت فيه من الثقة والتقدير، وسارعت بإذاعة الأخبار في إبانة وصدق، ووجهت ضرباتها القوية بحكمة وحزم غير أبهة بسلطان أو حافلة بمال، ثم تهيأ لها حظ موفور من القوة والنشاط ومجالدة الأعداء، أقول: هل يتيسر لصحيفة كهذه أن تطمع في انتشار واسع يجعلها تتحكم - ولا أقول تلتمس - في دخل كاف من أجور الإعلانان يهيئ لها موازنة ميزانيتها؟!
أغلب ظني أنه سوف يتاح لها ذلك كله متى ما توفر لها من الثروة في أوائل نشأتها (ما يثبت أقدامها) في ميدان الاختبار، إلى أن يتهيأ لها أن تكسب ثقة شعبها.
وقد تتهيأ الفرصة يوماً لرجل عبقري توفرت فيه مؤهلاته وكفايته ان يخرج للناس صحيفة من هذا القبيل. وآنئذ سوف نرى من نغمرهم الآن بمجاملاتنا من أصحاب الإعلان ومن المساهمين في الصحيفة الذين لا يأبهون إلا لما يخلص إلى جيوبهم من ربح ومن يتحرون بالتداول الصحفي، ولو كان تداولاً زائفاً مصطنعاً.
وقد سقط في أيديهم وتملكهم العجب مما تهيأ للصحفي المثالي من نجاح عظيم، وإلى أن يتاح لي تحقيق هذه الآمال المنشودة ستظل صحيفتي المثالية وهي في مملكة المثل الأعلى من عالم الخيال. وستظل الصحافة البريطانية - إذا قدر لها حقاً ألا تستعبد للحكام المستبدين - وهي تسير متثاقلة على نفسها في طريقها الذي تسلطه راحلة حيث لا تنفك بعيدة عن قمة لمجد الصحفي التي تتوق لها نفسي ويخفق بحبها قلب كل صحفي أصيل.