للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وأعتقد أن نساء مصر لا يضيق عليهن بالشدة المشاهدة في البلاد الأخرى الخاضعة للباب العالي؛ ولذلك ليس من غير المعتاد أن ترى نساء الأوشاب يتدللن ويمزحن مع الرجال علناً، والرجال يضعون أيديهم عليهن دون حرج. وقد يُظَن أن نساء الطبقتين العليا والوسطى يشعرن بالجور والتعاسة في عزلتهن، ولكن ليس هذا هو الحال عادة، بل على العكس نلاحظ أن الزوجة المصرية التي تتعلق بزوجها قد تظن، إذا أطلق لها زوجها الحرية أنه يهملها ولا يحبها كثيراً، وتحسد أولئك اللاتي يخضعن للرقابة الدقيقة.

وليس من المألوف أن يتزوج المصري بأكثر من امرأة، أو يتسرى بأكثر من جارية، مع أن الشرع يبيح له أربع زوجات كما أشرت قبلاً؛ والتسري، طبقاً للرأي الغالب، حسب رغبته. إلا أن الرجل وإن اقتصر على زوجة واحدة يمكنه أن يبدل كيفما شاء. ويقيناً ليس هناك كثيرون في القاهرة لم يطلقوا امرأة إذا طال أمد الزواج. ويستطيع الزوج أن يطلق زوجه وقتما يريد بقوله: (أنت طالقة). فإذا استقرت إرادته على ذلك عن صواب أو عن غير صواب، وجب على المرأة أن تعود إلى أهلها أو صديقاتها. وتعرض المرأة لطلاق لا تستحقه مصدر لأحزان وقلق اشد مما تتعرض له من أي اضطراب آخر. وقد تصبح لذلك في حالة عوز شديد. وهذا التعرض يبدو طبعاً على العكس تماماً لأولئك اللاتي يأملن تحسين حالتهن. ويستطيع الرجل أن يطلق زوجه مرة أو مرتين ويردها إليه في كل مرة من غير حفل. ولكنه لا يستطيع أن يردها شرعاً في المرة الثالثة قبل أن تتزوج رجلاً آخر وتطلق منه، وهذا بعينه نتيجة الطلاق ثلاثاُ المعبر عنه في جملة واحدة: (أنت طالقة بالثلاثة). ولكن قد يتفق الرجل والمرأة على مخالفة الشرع، أو ينكر الرجل أنه أوقع يمين الطلاق. وتجد المرأة في الحالة الأخيرة صعوبة كبيرة في تنفيذ الطلاق قانوناً إذا أرادت ذلك.

وأذكر لتوضيح هذا الموضوع قضية أدخل فيها أحد معارفي شاهداً على يمين الطلاق. فقد كان جالساً في مقهى مع رجلين آخرين كان أحدهما قد غضب على امرأته لشي قالته أو فعلته. وأرسل هذا بعد حديث قصير في هذا الأمر يدعو زوجه التي أوقع عليها يمين الطلاق ثلاثاً وأشهد زميليه على ذلك. ولكنه سرعان ما ندم على فعله وأراد أن يعيد مطلقته، فرفضت العودة إليه ولجأت إلى (شرع الله) فقدمت القضية إلى المحكمة وقررت

<<  <  ج:
ص:  >  >>