للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

رجل قد لا تخجل من الكشف عن صدرها أو ساقها. وهناك حقيقة كثيرات من الطبقة السفلى يظهرن دائماً سافرات أمام العامة، ولكنهن مدفوعات إلى ذلك لفقرهن ولصعوبة إحكام الطرحة - التي يندر أن تتجرد منها امرأة - فوق الرأس لتحل محل البرقع؛ وخاصة إذا شغلت كلتا اليدين في تثبيت ما يحملن من الأثقال. وتسرع المرأة الجليلة عندما يصادفها رجل

- مكشوفة الوجه أو الرأس - بلبس الطرحة أو أحكام وضعها؛ وكثيراً ما تصيح: (يا دهوتي! أو يا ندامتي!). ولكن كثيراً ما يدفع الدلال المرأة المصرية إلى كشف وجهها أمام الرجل متظاهرة أنها فعلت ذلك عفواً أو ظنت أنها لا تراه. وقد ينعم الرجل أيضاً برؤية وجه سيدة مصرية أحياناً - بينما هي تعتقد حقاً أنها بعيدة عن الأنظار - من شباك مفتوح أو فوق سطح. ويوجد في القاهرة منازل صغيرة ليس لها غرف سفلى لاستقبال الضيوف من الرجال فيصعد هؤلاء إلى الدور الأعلى صائحين مراراً: (دستور! يا ساتر!)، أو ما شابه ذلك لينبهوا من يصادفون من النساء في الطريق لينسحبن أو يحتجبن، فتسحب المرأة فضلة من طرحتها أمام وجهها إلا عيناً واحدة. ويصل شعور المسلمين بحرمة النساء إلى درجة غريبة، حتى أنه يحرم على الرجال دخول قبور بعض النساء؛ فلا يسمح مثلاً لغير النساء بزيارة زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم وغيرهن من أسرته في مدافن المدينة. ولا يدفن الرجل والمرأة في قبر واحد أبداً إلا إذا فصل بين الجثتين حائط. ويوجد مع ذلك من لا يهتم كثيراً بهذا الأمر وإن قل عددهم. ولي صديق مسلم من هؤلاء يسمح لي على العموم أن أرى أمه عندما أذهب لزيارته. وأمه أرملة في الخمسين من عمرها تقريباً، ولكن ضخامة بدنها ودلالة سيماها على عدم الكبر يجعلانها في سن الأربعين. وتقبل عادة إلى باب غرفة الحريم حيث أُستقبل لخلو المنزل من غرف سفلى للاستقبال، وتجلس هناك على الأرض، ولكنها لا تدخل الغرفة أبداً. وقد تكشف أحياناً وجهها تماماً كما لو كان الأمر عرضياً، فتبدو عيناها وقد أحاط بها الكحل الكثير، كما أنها لا تحاول أن تخفي حليها الماسية والزمردية وغيرها، بل على العكس من ذلك تحاول إبرازها. ولم يسمح لي صديقي برؤية زوجته أبداً مع أنه أذن لي بمحادثتها مرة في حضوره خلف زاوية في ممر أعلى السلم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>