من اللاء لم يحججن يبغين حسبة ... ولكن ليقتلن البريء المغفلا
ولكثير عزة وجيل بثينة والأحوص أشعار في بعض الحاجات المترفات ممن رضين بالأماديح وعدن تياهات بلقيا الشعراء مباهيات بغزلهم ونسيبهم، حتى أن النواسي على مجونه لحق بجنان جارية الثقفي إلى طريق الحج فقال:
حججت وقلت قد حجت جنان ... فيجمعني وإياها المسير
وفي الواقع أن نساءنا في الحج كن في القديم يؤدين هذه الفريضة بشوق وحماسة ودافع ديني صميم؛ وهنالك كن يشهدن في ذك الموسم العظيم مباهج الإسلام وعزة الدين وفضل المساواة وكانت الحاجة تعود إلى بلادها سعيدة جد سعيدة، مزهوة بما نالت من شرف الخطوة بالأرض المطهرة التي فيها أول بين وضع للناس والتي ضمت قبر الرسول عليه السلام وصحبه الأكرمين وأطلعت آفاقها المنورة كواكب رجال تسلموا مفاتح الدنيا وملكوت زمامها.
أما نساء اليوم من أنداد مترفات الأس وفضلياتهن فقلما يدور الحج في خواطرهن وهن مستطيعات إليه سبيلاً، إذ أن تيار الحضارة قد جرفهن بريحه العاتية نحو الغرب فسجن في بلاده، وزرن عواصمه الكبرى للمعرفة والسلوى وكان إليها حجهن المبرور.
فيا مهبط الوحي ويا موطن النبوة والهجرة، إليك تهفو روحي هفهافة كالأجنحة، خالصة صافية كماء النبع، متوجهة للذي فطر السموات متوسلة إليه أن أراني يوماً طوافة في البيت الحرام حوامة على ذلك الصعيد الطهور الذي درجت في حماه خديجة الكبرى وفاطمة الزهراء وعائشة أم المؤمنين وأسماء بنت أبي بكر وسكينة بيت الحسين وغيرهن من القانتات الطاهرات.
ويا حجيج هذا العام من مترامي بقاع الإسلام، يا من طويتم المراحل في غمرة هذه الحرب الضروس إلى بيت الله ومثوى الرسول سلوا ربكم أن يرفع غضبه عن بني الإنسان ويحقن الدماء التي يسفكها الجبابرة والطغاة ليقيموا على جماجم الأبرياء مجداً لجشعهم صبيغاً بالنجيع.