للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أرد قط في حربي ضد المسيح أن اقتلع المسيحية من النفوس، ولكني أظهرت في لباقة ما فيها من علو شاهق لا يستطيع المخلوقون من تراب وطين أن يبلغوه ما داموا آدميين. . . فليصغوا إذن إلى أغاني الجسد وأناشيد التراب والطين. . . وليطلب العلو من كان عنده فضل من فراغ ينفقه بعيداً عن الأرض والحياة. . . وبهذا أصبحت المسيحية الحق اليوم ترفاً روحياً لا يقتنيه غير خاصة الخاصة، أولئك الذين لك أستطع أن أخاطب فيهم منطق الأجساد والعناصر. . .

عزرائيل - لقد أدرك الله غرضك الأثيم فأرسل محمداً بدين لا ينكر منطق الأجساد والعناصر. . . دين لا يعرف الرهبنة ولا إنكار قوانين الأرض. . . دين لا يكره أن يصغي أتباعه إلى أغاني السماء والأرض معاً. . . وأن يفكروا في الآخرة والدنيا معاً. . . ما وسائل حربك ضد محمد والإسلام؟

إبليس - حقاً. . . تلك هي المشكلة! لهذا كان النبي ألد عدواً لي!

عزرائيل - إنه خاتم الأنبياء لأنه ضيق عليك الخناق، وسد كل ثغرة يمكن أن تنفذ منها سمومك. . . فماذا أنت صانع؟. . .

إبليس - دعني أفكر. . .

عزرائيل - فكر طول الأبد. . . فلن تظفر. . .

إبليس - بل لقد فكرت وظفرت. . . الأمر بسيط: يجب علي أن اطمس خصائص هذا الدين. . . إني خبرت الناس لطول لصوقي بهم وعشرتي لهم. . . أن الناس يميلون دائماً إلى التشبه والتشبيه. . . هذه القرود الناطقة. . . يصعب عليها التمييز والتفريق والنظر في فلسفة الأشياء. . . غداً عندما يوارى محمد في التراب. . . ويصبح ذكراً وطيفاً كموسى والمسيح، بل ربما قبل أن يواروه في الحفرة. . . أنظر. . . أليس هذا عمر بن الخطاب أحد خلفائه؟ أصغ إليه. . .

عزرائيل - إياك أن توسوس له بشيء.

إبليس - أصغ إليه. . .

(عمر بن الخطاب يقوم في الناس صائحاً)

عمر - لا أسمعن أحداً يقول: إن محمداً قد مات؛ ولكنه أرسل إليه كما أرسل إلى موسى،

<<  <  ج:
ص:  >  >>