للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الاجتماع، فرسخت في الشخصية الإنسانية واعتبرت من الخصائص الروحية، وليست من الروح المزعومة في شيء

ويدرس لهم تاريخ الأديان ولحمته وسداه: أن الدين على ما هو عليه في هذه العصور المتأخرة التهذب، صادر من الدين الأولي الساذج الذي تخيله أهل القرون الأولى، وليس هو بوحي، لأن الوحي لا وجود له

ثم يقرءون فيها: أن الباعث الصحيح عليه أهواء النفوس، وجهالتها بالعلل الطبيعية، وهلعها من الجوانح الكونية، فتألبت كل هذه العوامل على إحلال الدين في سويداوات القلوب بواسطة الوراثات الطويلة المدى، حتى أصبح هو والحياة عند الفرد والجماعة في مستوى واحد

فما ترجى أن تكون هذه المجموعة من الدروس، غير دعايات للإلحاد في حرم الدين، لم يظفر بمثلها المذهب المادي في أية بيئة من بيئات العالم، وفي العهد الذي أثبت فيه العلم، جرياً على أسلوبه كما قدمنا، وجود العالم الروحاني وقام فيه أقطابه بنقد كل ما أورده المذهب المادي من الشبهات عليه، سعياً منهم لتوحيد غاية الدين المطلق وغاية العلم على حال من الوفاق كانت أمنية دعاة المدنية الفاضلة

الوسيلة المثلى لدرء هذا الخطر أن تخضع هذه الدروس في المدارس الإسلامية الدينية لمراقبة دقيقة، وأن تلقي مواردها متبوعة بالنقد الذي وجه ضدها من علماء القرن العشرين، والتعديل الذي أدخل عليها بواسطتهم؛ مع مراعاة أن يكون النقد ماحقاً لشبهاتها بأدلة ساطعة لا بكلمات جوفاء تزيدها تسلطاً على العقول

هذا خير ما أهديه لقراء (الرسالة) في مفتتح السنة الجديدة، ولهم مني معها أطيب تحية.

محمد فريد وجدي

<<  <  ج:
ص:  >  >>