وفي كلام الأستاذ محمد المدني ما يدخل تحت هذا المعنى؛ فقد تحدث عن الفقه وكيف ركدت ريحه، وعن الفقهاء وكيف غلّقوا أبواب الاجتهاد، حتى أعرض عنهم أهل التشريع وأصحاب النفوذ والسلطان، وانقطع ما بينهم وبين المجتمع من أسباب؛ ثم قال:(وكان من آثار ذلك أن ذلك أن دخلت التشريعات الأجنبية على بلاد المسلمين، فأصبحت دستور الحكم، وأساس الإدارة، وقانون القضاء، وعماد النظام في كل ناحية من نواحي الأعمال!)
والأستاذ محمد الغمراوي يحدثنا في (تأملاته) عن المدنية الغربية؛ وكيف جنى بعدها عن الدين؛ ويبين ضرورة الرجوع إلى مبادئ الإسلام والأخذ بشريعة ثم يقول:(أعجب عجباً بعد عجب من قوم. . . يتطلبون الحياة ممن ضل عن روحه ونوره، ويولون وجوههم وقلوبهم لا شطر المدينة الإسلامية التي أقامها الرسول بتطبيق كتاب الله فكانت مثلاً عملياً أعلى للإنسانية كلها، ولكن شطر المدنية الغربية التي ضلت عن ربها وعبدت المال والقوة والجاه فأداها هذا إلى التهلكة التي ترى والتي تحاول التخلص منها فلا تستطيع. . .)
هذا بعض ما نبضت به قلوب قادة الرأي فينا، وما تحركت بتسجيله أقلامهم؛ أفلا يحق لنا أن نطمئن ونستبشر، ونرجو من هذا الشعور المشترك خيراً؟؟
يقول أستاذنا المفتي الأكبر في حديثه المنشور بنفس العدد من الرسالة:(قد اتجهت أفكار المفكرين وآراء المصلحين إلى هذه الشريعة يلتمسون أن تكون نظام حياتهم، وأساس مدنيتهم فلا بد لنا إذن من العمل، ولا بد لنا من تلبية نداء الأمة، وإعداد أنفسنا لهذه المهمة السامية)
. . . وهذا كلام نؤمن عليه مغتبطين، وغاية نبيلة نرجو ألا يقف رجال الإسلام دون تحقيقها؛ والله يكلؤهم برعايته، ويمدهم بعونه وتوفيقه إنه نعم المستعان.
(جرجا)
محمود عزت عرفة
إلى الدكتور عبد الوهاب عزام
الآن وقد وضعت آخر كتاب قرأته لكم: كتاب (رحلات) تجلت لي منكم خلال (عزامية)، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، ولمست فيكم تلك الروح الشرقية العربية الإسلامية بأجلى