أما الحياة المنزلية عند الطبقات السفلى فهي بسيطة إلى حد أنها بمقارنتها بحياة الطبقات الوسطى والعليا التي تكلمنا عنها الآن لا يفيدنا العلم بها شيئاً كبيراً
تتكون الطبقات السفلى من الفلاحين، ما عدا فئة قليلة جداً تسكن المدن الكبيرة على الأخص. وأغلب هؤلاء الذين يسكنون المدن الكبيرة والقليل ممن يسكن المدن الصغيرة وبعض القرويين هم من صغار التجار أو أهل الحرف أو ممن يكتسبون معاشهم بالخدمة أو بمختلف الأعمال. وأرباحهم على أي حال طفيفة تكاد تكفيهم. وقد لا تضمن لهم ولعائلاتهم ضروريات الحياة
ويتكون طعام الطبقة السفلى على الأخص من الخبز المصنوع من الدخن أو الذرة، وثم من اللبن والبيض والفسيخ والخيار والشمام والقرع على أنواع كثيرة الاختلاف، والبصل والكراث والفول والحمص والترمس والعدس الخ، والبلح الطازج والمجفف والمخللات، ويأكلون أكثر الخضروات نيئة. ويقطع الفلاحون كيزان الذرة عندما تقرب من النضج ويأكلونها مشوية أو مطبوخة. ولا يدخل الفلاحون الأرز في طعامهم العادي لغلو ثمنه. وقلما يذوقون اللحم. وينعم أغلبهم مع ذلك بترف تدخين تبغ بلدهم الرخيص الذي يجفف ويفرم. ولون هذا التبغ يضرب إلى الخضرة وهو لطيف العطر. وكثيراً ما لا يجد الفقراء غير (الدقة) التي وصفتها في فصل سابق يغمسون فيها خبزهم بالرغم من بخس أثمان الأطعمة المذكورة آنفاً. ومما يثير الدهشة أن يكون الفلاح قوياً صحيحاً مع بساطة طعامه وقلته وما يعانيه من كد
وقلما يحيا نساء الطبقات السفلى حياة الخمول؛ وإن بعضهن ليكد أكثر من الرجال. وأهم أشغال النساء تجهيز الطعام، وجلب المياه، في جرار كبيرة يحملنها على الرأس من الموارد وغزل القطن والكتان أو الصوف، وعمل (الجلَّة) أقراصاً مستديرة مسطوحة من روث البهائم المخلوط بالتبن، للوقود، ويقمن هذه الأقراص على حوائط منازلهن أو فوق أسطحها أو على الأرض لتجفف في الشمس ثم يستعملنها لوقود الأفران ولأغراض أخرى. ويخضع نساء الطبقة السفلى لأزواجهن أكثر من خضوع نساء الطبقات الراقية. ولا يسمح دائماً للمرأة الفقيرة أن تتناول الطعام مع زوجها. وإذا خرجت معه سارت وراءه. والعادة أن