والمشاهد أن المرأة الدميمة هي في الأغلب ولود، كما أن المرأة الجميلة هي في الأغلب عقيم، وكان ذلك لأن الدمامة تحتاج إلى حماية من الذرية؛ أما الجمال فهو في ذاته قوة وسلطان
وللملائكة في أذهان الناس صور مجردة من النسل، لأن الملائكة مؤيدون بقوة ربانية تغنيهم عن الاعتزاز بالأبناء
والله عز شأنه (لم يلد ولم يولد) لأنه منزه عن الضعف تنزيهاً خالياً من الشوائب، وهذا لا يمنع من أبوته الروحية لجميع ما في الوجود، إن صح التعبير بالأبوة في الدلالة على رفق الخالق بالمخلوق
وصفوة القول أن عقم آدم في الجنة له أصل، فقد كان أكرم من في الجنة، وكان المنطق يوجب أن يعيش بلا أسندة من الذرية بفضل غناه عن الكفاح والنضال
ولكن. . . ولكن الأقدار أرادت غير ما يريد، فنقلته من الجنة إلى الأرض، ليشعر بالخوف، وليحتاج إلى معاصم من الأبناء، وليذوق طعوماً من الأفراح والأحزان لم تكن تخطر له في بال
والواقع أن الله كان أراد بآدم أشياء، حين خلق له حواء، فقد شغلته عن التكبير والتسبيح والتهليل، وزينت له الثورة على ما في الجنة من أنظمة وقوانين
وشيث يحدثنا أن آدم كان صدره ضاق بالجنة بسبب ما لها من أسوار وجدران تجعل من المستحيل أن يسلم من تعقب حواء، وتفرض عليه التفكير في طلب النجاة ولو بالارتماء في أحضان الأرض، مع أن بين الجنة والأرض فراغاً لا يعبره الهابط إلا في أعوام أطول من أعمار الأشجان. وسنرى فيما بعد إنه لم يفق عند هبوط الأرض إلا بعد أزمان وأزمان
هل كان آدم سعيداً في الجنة؟
الظاهر إنه كان من السعداء، ولكن شيث بن عربانوس يحدثنا إنه طفح الدم في الجنة بسبب صحبة حواء. فكيف وقع ذلك البلاء؟!
وقع من عدم التكافؤ الروحي بين الرجل والمرأة، فهما مخلوقان مختلفان إلى أبعد حدود الاختلاف. وزاد في النفرة أن آدم كان يميل إلى طاعة الله. وأن حواء كانت تشتهي الخروج على طاعة الله. وتعليل ذلك سهل: فأسرع الناس إلى المخالفة عن أمر الحق هم