الثواكل، يبكون على فقد أجسامنا وهم بالبكاء على أنفسهم أولى. ومن الشيعة من يقول: إن الأئمة يسمعون النداء ويجيبون الدعاء، ولا يدرون حقيقة ما يقرون به وصحة ما يعتقدون. ومنهم من يقول: إن الإمام المنتظر مختف من خوف المخالفين. كلا! بل هو ظاهر بين ظهرانيهم يعرفهم وهم له منكرون كما قيل:
يعرفه الباحث من جنسه ... وسائر الناس له منكر
نرى مما تقدم أنهم لا ينكرون التشيع ولكنهم يريدونه على شكل خاص، وأنهم يبرءون من هؤلاء الذين لوثوا اسمهم وارتكبوا المنكرات والموبقات وادعوا أنهم علويون. فهم بذلك فرقة من الشيعة ترمي إلى تعاليم خاصة. وغايتها إصلاح الطائفة وتهذيبها بالتعليم. ونرى كذلك أنهم يقولون بالمهدي المنتظر وأنه كان موجودا إبان تأليف هذه الرسائل، ولعله أحد من ألفها كما يذهب إلى ذلك بعض المستشرقين. وأنهم كانوا يقولون بأن عليا وصي النبي عليه السلام. وليس في ذلك أصرح من قولهم في باب مخاطبة المتشيعين:(ومما يجمعنا وإياك أيها الأخ البار الرحيم محبة نبينا عليه السلام وأهل بيته الطاهرين، وولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب خير الوصيين صلوات الله عليهم أجمعين)
أما نسبتهم إلى الإسماعيلية الباطنية فلم تثبت بصفة جازمة، بيد أن من يدرس آراء هذه الطائفة وآراء إخوان الصفا يجد تشابها عجيبا، وإن كان الأولون أكثر صراحة من الآخرين. على أن الأستاذ كازانوفا يقول:(لقد وجدت مخطوطة في المكتبة الأهلية بباريس مفقودة الصفحات الأولى والعنوان، وتقرأ على الصفحة السادسة منها ما يلي: فصل من رسائل إخوان الصفا، وفي ابتدائها: القول على السر المخزون والعلم المصون من باطن الرسالة الجامعة من رسائل إخوان الصفا. ووردت فيها الجملة المشهورة: اعلم يا أخي أيدنا الله وإياك بروح منه التي يتكرر ذكرها في كل صفحة من الرسائل). وقد وجد كازانوفا أن هذه الرسالة الجامعة مصطبغة بالصبغة الإسماعيلية، متلبسة بشمول الألوهية، ونظرية الفيثاغوريين في الأعداد. ويقول في ذلك:(ما أراني إلا مصيبا في القول بأن فلسفة الإسماعيلية جميعها مبثوثة في رسائل إخوان الصفا؛ فالقول بالإمام المنتظر الذي سوف يظهر ليعيد السلام إلى العالم يمثل امتزاج نظريات الأفلاطونية الحديثة بالاعتقاد بعودة المسيح)