للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والشهوة رزق من الأرزاق، وإن قيل في تجريحها ما قيل

كان آدم يهز الشجرات المثمرات ليطعم حواء، وهو اليوم يرضى بما يسقط من الثمر المعطوب، أن بقي له شيء من نعمة الجوع، والجوع نعمة لا يحسها غير الأصحاء

كان لآدم في الجنة تاريخ بسبب اللجاجة التي كانت تثور عن حواء من حين إلى حين، فما حياته وقد أمسى مغسول القلب والروح والوجدان؟

أيعبد الله بالاستغفار؟ ومم يستغفر وهو مقتول الأهواء؟

أيسبح لله؟ وكيف؟ أن التسبيح تنزيه وهو ممنى لا يدرك بعير القياس؟

لو عادت حواء لاستطاب آدم شجرة التين، ولكن متى تعود؟

لقد اكتفت الشقية بنا تطمئن إلى أنها مصدر ضلاله وهداه؛ وكذلك رأت أن تتركه في حيرة دامية عدداً من الأعوام العجاف؛ وبغي المرأة لا يحتاج إلى برهان

استيأس آدم فرضى بالانزواء في أحد الأدغال، وعند ذلك شعرت حواء بالشوق إلى مصاولته من جديد، والمرأة يؤذيها أن يهدأ الرجل، ولو كان في المحراب

- آدم! آدم!

- حواء؟

- نعم، حواء، إلا تراني؟

- كنت حسبت أنك ذهبت إلى غير مآب

- قبل أن نأكل معاً من شجرة التين؟ هذا مستحيل!

- وهل نعصى الله يا حواء؟

- سترى أن المعصية طيبة المذاق (؟!)

وتنبه آدم فرأى أنه مقبل على خطر جديد، فدار الحوار بأسلوب جديد

(للحديث شجون)

زكي مبارك

<<  <  ج:
ص:  >  >>