للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما حياته إذا حرم التنقل من ضلال إلى هدىً، ومن هدىً إلى ضلال؟

قيمة الرجل بالجهاد، ولا جهاد بدون أهواء، وقد أمسى صدر (آدم) وهو جلمود أملس لا ينبت الأزهار ولا الأشواك ولا يثبت فوقه تراب ولا ماء

والتفت (آدم) فرأى من الخير أن ينقطع للاستغفار ليتوب الله عليه، وهل أذنب حتى يتوب؟

أن كان كل حظه من المعصية أنه رضى مسايرة (حواء)، وقد ذهبت (حواء) ولم يبق موجب للقنوت والابتهال

الموت افضل من حياة تخلو من مقارعة هوى النفس في كل يوم. والرجل الذي يواجه المعاني بقلبٍ أغلف شبيه بالرجل الذي يطالع سفر الوجود وهو معصوب العينين. وهل كان الموت فناءً إلا لأنه يصدنا عن صنع الخير واجتراح الآثام؟

وما طعم الاستغفار على لسان من لم يذنب؟ وما لون الطاعة في عين من لم يقاوم الأهواء؟

لقد مات (آدم) وهو حي، فلم يعد يدرك ما في الفردوس من سحر وفتون

كان (آدم) يجد لذة في ضرب (حواء)، فأين هي الآن ليتمتع بلطم خدها الأسيل؟!

وكانت (حواء) تجر (آدم) إلى مآزق تشعره بقوة الحيوانية، فأين هو اليوم من تلك المآزق، وأين سبيله إلى الفتك والجنون؟

لقد خلت حياته من جميع المعاني بعد غيبة (حواء)، وما كان يعرف أنها تملك من الروحانية الأثيمة ذلك الحظ العظيم

وانطلق (آدم) يراود معاهد الحب، عله يجد (حواء) مختبئة في بعض ألفاف البواسق، على نحو ما كان يقع في الأوقات السوالف، ولكنه لم يظفر بغير اليأس

أين (حواء) أين (حواء)؟

أين الصبية الجميلة التي أوحت إليه فكرة الثورة على الشرائع؟

أين الحلقة الحلوة التي زينت له طعم العصيان؟

كان آدم يشتهي جميع ما في الجنة من أطايب قبل أن تفارقه حواء، ثم أمسى وهو موقوذ الشهية بسبب الفراق، وهل تطيب الحياة لمن يعيش بلا أنيس موسوم بالصباحة والجمال؟

ذلك نعيم ذهب، وأمل ضاع، فليقتل آدم نفسه أن شاء هي امرأة مخبولة، ولكنها مشتهاة،

<<  <  ج:
ص:  >  >>