للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتقدم الابن الثالث وكان جميل الوجه حسن السمات. . . فأعجبت به النساء وشغفن به حباً، فتخير المصباح الأخضر ذا اللهب الخافق الحائر وأخذه بين يديه، ثم انصرف. فلما خرج من الباب لمح والده (صاندال) تجري في إثره وكانت هذه المرأة مضغة الأفواه لقبح سيرتها وفساد أخلاقها، فطأطأ الشيخ رأسه وقال: أن الرجل الذي يجعل النساء الجميلات قبيلته وغاية سيعه، فيخضع لهن ويرضى أهوائهن، لهو رجل خاسر، إذ لا يتيسر له أن يتجه وجهة أخرى أو يعمل عملاً آخر

ولم يكن يختفي هذا الابن الذي جعل النساء شغله الشاغل في هذه الحياة حتى سمع الجميع صوت النقود ورنين الذهب، إذ تقدم الابن الخامس وعلى وجهه تعلو سمة المرابي، فاختطف المصباح الأصفر وولى مسرعاً

وجاء الابن الخامس خائفا مسرعا يترقب، يلتفت يمنة ويسرة، ويتقدم رجلاً ويؤخر أخري أصفر الوجه، مرتجف اليد. . . ونظر إلى المصابيح البقية فتخير المصباح الرمادي - مصباح الخوف والجزع - فقبض عليه بيده الحائرة، وتولى من مجلس أبيه وهو يرتجف فرقاً. . .

وتبعه الابن السادس: وكان مدللاً ملحوظاً من يوم ولادته بعناية والديه، فشب أنانياً محباً لذاته، فلم يتردد ولم يتمهل، بل اندفع نحو المصباح الأسمر - مصباح الأثرة والضوء القاتم الخائر وقبض عليه. . .

وأخيرا. . . وقف الابن الأصغر في تواضع وخشوع بين يدي والده، ثم ركع على ركبته واخذ المصباح الأبيض - مصباح الإيمان بالله - وقال: يا أبت. . . لسوف أتبع هذا النور على الدوام في كل مكان وكل زمان، في السراء والضراء. . .

ومرت الأعوام. . . فضمر جسم الوالد، وانحنى ظهره، وطال شعره. . . ولكن ظلت عيناه الحادتان ترقبان - على الدوام - عودة أبنائه السبعة. . .

وقرع الباب يوماً، فلما فتحه الوالد الشيخ وجد أمامه الابن الثالث الذي تخير المصباح الأخضر فقال له: (أبي لقد تبين لي أن النساء مخادعات غادرات. ولقد احترق زيت مصباحي عن آخره. وهاأنذا شريد بائس، ولقد قابلت أخي الذي شغف بجمع المال وطلبت مساعدته، ولكنه أبي على ذلك)

<<  <  ج:
ص:  >  >>