من الأعداء، يتقاذفون الموت في البر والبحر والفضاء!
ربيع يترقبه طلاب الموت، ويفزع منه طلاب البقاء!
ربيع أقرب منه إلى مكانه كل ربيع في مقبرة، وكل ربيع في سجن، وكل ربيع في صحراء
هذا ربيع العام!
السلامة كل ما يسأل منه، وقد كان بعض سؤله النعمة والغرام
وكنت أسمعها تغرد، وأراها تطفر، وأرثي لها وهي في قفصها، وأحبها وهي لا تباليه، كأنها نقلت الحرية من فضاء الله إلى صدرها الصغير بين أفراخها الصغار
تلك عصفورة الكنار عند صديق من محبي الطير في الأقفاص، وإن كنت لا أحبها في غير فضاء الله
بل رأيتها تولد، ورأيتها تزقو، ورأيتها تترقى يوماً بعد يوم من الزقاء في طلب الحب، إلى التغريد في طلب الحب، إلى التغريد في الغبطة بالبنين
ثم نعاها إلى الصديق ذات صباح، فكان لنعيها تعقيب طال بيننا كما يطول التعقيب في هذه الأيام على أنباء الغزوات
فليعجب من هذا من يستبعد الفارق بين النبأين، كما يستبعد الفارق بين عصفورة واحدة ومائة ألف إنسان
إن كان هذا هو المياس فالفارق جد بعيد، بل هو فارق لا يجوز القياس فيه
لكن المقياس غير هذا وأصدق وأكرم من هذا
المقياس بين موت فيه معناه، وموت أخر فيه معناه؛ وقد يتقابل المعنيان في كفتي ميزان، إذا تجاوزت من مات وما مات وانتهيت إلى ما في الموت من سر واعتبار
في مستهل الربيع ماتت عصفورة الكنار التي نقلت إلينا قبساً من الربيع في زمهرير الشتاء
ماتت وهي في أول أمومة لها تستقبل ربيعها الثاني بخمسة من الأفراخ الضعاف
وماتت شهيدة هؤلاء الضعاف الظالمين، لأنها جاعت لتطعمهم والحب عندها كثير، ونسيت أن تأكل لنفسها لتذكر تلك الأفواه المفتوحة كأنها فتحت لتأكل كل شيء. . . وماتت لأنها تعطي الحياة ولا تأخذ منها بعض ما تعطيه