تراث الأقدمين. وإليك الآن أسماءها وما نعلمه من أمرها:
١ - كتاب أدب السماع.
٢ - كتاب جمهرة أنساب الفرس والنوافل.
٣ - كتاب المسالك والممالك: ضمنه إحصاء جباية المملكة العباسية في أواسط المائة الثالثة للهجرة. وهو من خيرة المراجع القديمة في معرفة الطرق والمسالك، وتعيين المسافة بالفراسخ أو بالأميال بين مكان ومكان، على ما كان معروفاً عند القوم في ذلك الزمان. ولا مراء، إن ابن خرداذبة كان الرجل الثقة في مثل هذه البيانات، لأنه تولى أعمال البريد. ومن المعلوم أنه (لا غنىً بصاحب هذا الديوان أن يكون معه منه ما لا يحتاج في الرجوع فيه إلى غيره، وما إن سأله عنه الخليفة وقت الحاجة إلى شخوصه وإنفاذ جيش يهمه أمره، وغير ذلك مما تدعو الضرورة إلى علم الطرق بسببه، وجد عتيداً عنده ومضبوطاً قبله، ولم يحتج إلى تكلف عمله والمسألة عنه)
ويبدو لنا واضحاً أن ابن خرداذبة لم يؤلف هذا الكتاب إلا بطلب من شخص كبير لم يصرح باسمه ولعله أحد الأمراء. قال في أول كتابه، وفيه ما يوضح غرضه من هذا السفر ما إليك نصه بالحرف الواحد:
(أطال الله تعالى بقاءك يا ابن السادة الأخيار والأئمة الأبرار منار الدين وخيرة الله من الخلق أجمعين، وأدام الله لك السعادة، وكثر لك الزيادة من جميع الخيرات، ووفقك لسبيل الصالحات، وجعلك ممن ارتضى أفعاله وزين أحواله. فهمت الذي سألت، أفهمك الله جميع الخيرات وأسعدك إلى الممات، وأفلح في الدارين سهمك، ووفر فيهما قسمك، من رسم إيضاح مسالك الأرض وممالكها، وصفتها وبعدها وقربها وعامرها وغامرها، والمسير بين ذلك منها من مفاوزها وأقاصيها ورسوم طرقها وطقوسها على ما رسمه المتقدمون منها. فوجدت (بطليموس) قد أبان الحدود وأوضح الحجة في صفتها بلغة أعجمية، فنقلها عن لغته باللغة الصحيحة لتقف عليها، وقد رسمت، رسم لك فوز الحق في جميع مأمولك ومطالبك، ما رجوت أن يكون محيطاً بمطلوبك وآتياً على إرادتك كالمشاهد لما نأى والخبر بما قرب، وصنعته كتاباً افتتحته بالحمد لله ذي العزة المنيعة والنعمة السابغة، الذي أنشأ الخلق على ما أراد، وبين سبيل الحق للعباد، لم تشركه في خلقه الآراء المتوهمة ولا ظنون الرؤيات،