عليها، إلى أن تعرض لعبد الرزاق الملقب عجين أمه نزيل القاضي في البرقوقية ونسبه لأمر فظيع الله أعلم بصحته، فبادر لتطلبه فلم يقدر عليه، فصرح بمنعه من تحمل الشهادة فلم يلبث إلا يسيراً. وماتت له زوجة فورث منها قدراً طائلاً بعد فقره فلم أطرافه وسافر لمكة فجاور ثم قطن الشام، ثم جاور بالمدينة سنة ٨٩٢ وكتب فيهما من تصانيف الشريف السمهودي وغيره، ثم جاور التي تليها سنة ٨٩٢ بمكة؛ وكان يجتمع عليّ بها، وكتب من تصانيفي مجموعاً، ولازمني في التحمّل رواية ودراية. وأوقفني على مجموع سماه (غرر الصباح في وصف الوجوه الصباح) وقرظه له الشعراء فأبلغوا، وكان من أعيانهم البرهان الباعوني وأخواه، والشهاب الحجازي، والمنصوري، والقادري، وابن قرقماس. وقال إنه ألفه بدمشق سنة ٨٦٥، والتمس مني تقريظه فأجبته وكتبت له إجازة حسنة، وامتدح قضاة مكة وغيرهم، وليس نظمه بالطائل، ولا فهمه بالكامل. وكتبت عنه من نظمه:
إذا ما كان مجموعي لديكم ... من الدنيا بهذا قد قنعت
وما قصدي سوى هذا وحسبي ... بأني في يديك وما جمعت
وكان يتكسب بالتجارة، وربما جلس بحانوت بمكة في الموسم. تعلل بمكة مدة وسافر منها وهو كذلك في أوائل المحرم سنة ٨٩٤ في البحر فوصل إلى الطور ثم غزة فأدركه أجله هناك في جمادي منها. وبلغنا ذلك في شوال - عفا الله عنه - وترك ولدين أو أكثر وتركة، وأظن والده في الأحياء. عفا الله عنه وإيانا) اهـ
انتهت ترجمة السخاوي. وهو معروف بأنه قد يتحامل علي بعض معاصريه، ويقذفهم بعبارات تهكم لاذعة وقوارص من الكلم تنطوي على سخرية مريرة، بداعي المنافسة والمعاصرة والازدحام على منهل عذب واحد. وقد قال فيه معاصره (ابن إياس) في كتابه (بدائع الزهور): (إنه ألف تاريخاً فيه كثير من المساوئ في حق الناس). وأنشأ معاصره (جلال الدين السيوطي) مقامة من ضمن مقاماته سماها (الكاوي في رد تاريخ السخاوي) شنع عليه فيها. . . يقول فيها:(ما ترون في رجل ألف تاريخاً جمع فيه أكابر وأعياناً، ونسب لأكل لحومهم خواناً، ملأه بذكر المساوئ وثلب الأعراض، وفوَّق فيه سهاما على قدر أغراضه والأعراض هي الأغراض. وجعل لحم المسلمين جملة طعامه وإدامه، واستغرق في أكلها أوقات فطره وصيامه. . .) والمقامة مخطوطة محفوظة بدار الكتب