الصفوف إليه، وآزره أطال جنده فلم ينثن إلا ومسيلمة قتيل. فقضى للمسلمين بالنصر وجاء بنو حنيفة مستسلمين فصالحهم خالد، وجاءه أمر أبي بكر بقتلهم فأعلمه أن عهده قد سبق. وحفظ للقوم ذمتهم.
فتح العراق
لم يكد يفرغ خالد من مسيلمة حتى وجهه أبو بكر لفتح العراق لحرب الفرس: الأسد الذي كانت القبائل تخشاه وتتحاماه، وأمره الخليفة أن يبدأ بالأبلة ثم يفتح إلى الشمال صوب الحيرة، كما أمر عياض بن غنم أن يبدأ بالمضيح في الشمال ثم يتجه إلى الجنوب شطر الحيرة، كذلك وأي القائدين سبق إلى الحيرة فهم الأمير على صاحبه
كتب خالد إلى هرمز والى الأبلة يدعوه إلى الإسلام وينذره الحرب، ثم التقى الجمعان قرب كاظمة في موقعة ذات السلاسل، فبارز خالد هرمز فقتله فحقت الهزيمة بقتله، ثم سار خالد يقود جيشين من الجند والرعب، فكانت مواقع المذار، والولجة، وأليس، ومغيشيا، وخالد يسير من نصر إلى نصر، ويوالي الكتب والأخماس إلى أبي بكر، فلما جاءته البشرى بفتح مغيشيا قال:(يا معشر قريش. عدا أسدكم على الأسد فقلبه على خراذيله، عجزت النساء أن ينشئن مثل خالد!)
خالد في الحيرة بعد شهرين من دخوله العراق، وها هو في الثاني عشر من ربيع الأول سنة اثنتي عشرة يكتب كتاب الصلح لرؤساء الحيرة
(بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما عاهد عليه خالد بن الوليد عدياً وعمراً إبني عدي، وعمرو بن عبد المسيح، وإياس بن قبيصة وحيري بن أكال، وهم نقباء أهل الحيرة، ورضى بذلك أهل الحيرة وأمروهم به - عاهدهم على مائة وتسعين ألف درهم تقبل في كل سنة جزاء عن أيديهم في الدنيا رهبانهم وقسيسهم إلا من كان منهم على غير ذي يد حبيساً عن الدنيا تاركاً لها، وعلى المنعة، وإن لم يمنعهم فلا شيء عليهم حتى يمنعهم. وإن غدروا بفعل أو قول فالذمة بريئة منهم).
تتابعت القرى على الصلح بعد الحيرة. ومن الحيرة وجه خالد كتبه إلى أمراء الفرس ومرازبتهم يدعوهم إلى الإسلام، وينذرهم الحرب. وصار خالد أمير العراق كلها ففتح الحيرة (لعهد أبي بكر فمد فتوحه إلى الشمال في الأرض التي عهد إلى عياض فتحها،