لقد رشفت الفراشة رشفة من رحيق الزهرة ثم شالت عنها إلى غيرها، ولكن الخنفساء لم تبرح مكانها، فرزقها كثير. . . إنها حيث تسير تجد العفونات والقذارات فتأكل وتتناسل أما الفراشة فمجهودة كالرغبات الطائرة. . . تسافر كثيراً حتى تظفر بملء أوعيتها. . .
لا شك أن جامع الخير والجمال من الدنيا يَلقُطُه لقطاً من ثنايا الشر والقبح ويتعب في تحصيله تعب هذه الفراشة المجهودة
١٩ - الوحوش المحبوبة
كانت عناكب كثيرة صغيرة آمنة في بيوتها تنسج الشباك للصيد. . . فانقضت عليها عصفور صغيرة وابتلعتها واحدة فواحدة أمام عيني. . .
والناس يزعمون أن العصافير وديعة ويحبونها، ولكن من يدرس حياتها يعلم أنها شرسةُ مشاغبة مقلقة كثيرة التصايح من أول النهار إلى آخره، ولها وجه حاد الملامح ومنقارٌ جارح وطباع عصبية. وإنما يشفع لها جمال منظرها ورشاقة جسمها وضآلة حجمها. . .
وكم غَرَّ المنظرُ وفجعَ المْخبَر! وكم رحم الناس ضعفاً وهو أقسى على الحياة من الذئب!
٢٠ - غضب الضعفاء
اشتبك عصفوران في عراك، وصارا يتصايحان صياحاً لفتني إليهما، ثم نقر كل منهما الآخر بمنقاره نقرة، ثم افترقا من غير دم
فقلت لقد فضحتما ضعفكما. . . فما كلن ينبغي لكما أن تقدما على غضب، لأنكما لا تمثلان قوته العنيفة
وينبغي للضعيف ألا يغضب، لأن غضبه يزيده ضعفاً بما ينال من نفسه، وما ينال من هزء الناس به. . .
إن الغضب يحتاج إلى قوة يُفجِّر بها الدم!
٢١ - شباك العنكبوت
لماذا هذا الترقب والانتظار للختل والاغتيال أيتها العناكب؟
لماذا تنسجين شباكك وتطرحينها في طريق الفراشات والنحل التي تحصل غذاءها بجهودها