ترامت أليَّ وإليكم أخبار الفضيحة التي رُزئ بها آدم، وقد جزعتُ لها كما جزعتم، برغم اختلاف الجنس؛ فنحن نمشي على أربع وهو يمشي على اثنتين، وقوتنا بالظفر والناب، وقوّته بالقلب واللسان؛ ولكن هنالك آصرة تجمع بيننا وبين ذلك المخلوق، وهي الكرامة الذاتية، فهو يأبى الضيم كما نأباه، وهو يُزهَي ويختال كما نُزهَي ونختال. ولست اعرف قيمة شجرة التين حتى احكم له أو عليه، فنحن لحُّميون لا نباتيون، ومن الصعب أن ندرك ما في التين من دواعي الاشتهاء، وقد حلّ به ما حل، وذاق من علقم الفضيحة ما ذاق، وسيقضي الله في أمره بما يشاء، فهل ترون أن الجرأة على الله أن نعلن الحداد لمصيبة آدم المظلوم؟)
أحد الأسود: أنحزنُ لمصيبة مخلوق عصى الله؟
غَضَنْفَلوث: إذا كان مخلوقاً كريماً، وآدم مخلوقٌ كريم، فهو وحده الذي يستتر حين يلامس أنثاه، وما رايته أبداً في موقف ينافي الأدب والحياء
أسدٌ آخر: وكيف نجيب إذا عدّ الله حزننا لآدم ضرباً من العصيان؟
غَضَنْفَلوث: الله أكبر من أن يستظهر على عباده المذنبين بشماتة حيوان
أسدٌ ثالث: العطف على المذنبين إغراءٌ بالذنوب
غَضَنْفَلوث: هنا دقيقة تخفى عليك، وهي أن العطف على المذنب يجتثّ من صدره بذور العصيان، ويضيفه إلى أهل الطاعة والامتثال
أسد رابع: نحن مع الله في التنكيل بالمجرمين
غَضَنْفَلوث: ومن نحن حتى نشارك الله في الجبروت؟
أسد خامس: نحن أسود
غَضَنْفَلوث: والأسود تحفظ الأدب مع الله فتترك له التفرد بالثواب والعقاب
أسد سادس: لا يجوز العطف على مخلوق خدعته أنثاه
وهنا انبرت لَبَوْلوث زوجة غَضَنْفَلُوث فقالت في زئير يوقظ الأموات:
(لعلكم تريدون التعريض بحواء، فهل تعرفون حواء؟ اسألوني أخبركم: لقد كانت تجيء من لحظة إلى لحظة لتداعب الأشبال بأناملها اللطاف. وكنت اقدر أول الأمر أنها تفعل ذلك