ولقد كان المحب بن الشحنة أبو الفصل عالماً جليلاً أديباً فصيحاً بديع النظم والنثر سريعهما حلو الحديث حسن العشرة يميل إلى النكتة اللطيفة والنادرة الظريفة، عذب الروح رقيق الطبع عليَّ الهمة صبوراً على محن الدهر ورزايا الأيام، ذا شغف بجمع الكتب واقتناء النادر منها. وله مصنفات في الفقه والأصول والحديث والتفسير والتاريخ وغيرهما. وله من مطلع قصيدة وهو بالقدس:
قلب المحب بدار البين مشغول ... كما حشاه بنار البعد مشعول
وطرفه الليل ساه ساهر أرق ... ودمعه فوق صحن الخد مسبول
وله مما يقرأ على قافيتين:
قلت له لما وفي موعدي ... وما بقلبي لسواه نفاق
وجاد بالوصل على وجهه ... حبي سما كل حبيب وفاق
وله يطلب الإجازة في سنة ٨٢٨ من الأستاذ العلامة احمد ابن حجر المشهور المتوفى سنة ٨٥٢:
وإذ عاقت الأيام عن لثم تربكم ... وظنٌ زماني أن أفوز بطائل
ومن مؤلفاته التاريخ المسمى (نزهة الناظر في روض المناظر) وهو تاريخ كبير جعله كالشرح لتاريخ أبيه المسمى
(روض المناظر في علم الأوائل والأواخر) السابق. وله - كما في فهرس الدار - كتاب (الدار المنتخب في تاريخ مملكة حلب) ضمنه تاريخ مدينة حلب وآثارها ومعاهدها وجوامعها ومدارسها وغير ذلك مما يتعلق بشؤون مملكة حلب التاريخية والجغرافية، وجعله ذيلاً على (بغية الطلب في تاريخ حلب). تأليف العلامة المؤرخ كمال الدين أبي حفص عمر بن عبد العزيز بن أحمد بن أبي جرادة العقيلي المعروف بابن العديم الحلبي المولود سنة ٥٨٦ والمتوفى سنة ٦٦٠؛ وقد انتهى في تاريخه إلى سنة ٦٥٠؛ ومنه بدار الكتب ١٤ جزءاً في متتابعة في ثلاثة مجلدات. وقد رتب المحب بن الشحنة تأريخه على تمهيد وفاتحة وخمسة وعشرين باباً. وقد طبع بمدينة بيروت سنة ١٩٠٩م، وبدار الكتب الملكية نسخة منه قيمة رقم ٢٣٢٦ تاريخ، وأخرى رقم ٢٣٢٧. هذا وفي كشف الظنون في الكلام