للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أبا العلاء المعري يقول:

جائزٌ أن يكون آدمُ هذا ... قبلهُ آدمٌ على إثْر آدم

ويقول:

وما آدمٌ في مذهب العقل واحداُ ... ولكنه عند القياس أوادمُ

ويقول في شيء من الُخبث:

قال قومٌ ولا أدينُ بما قا ... لوهُ: إن ابن آدمٍ كابنِ عِرسِ

جَهِلَ الناس من أبوه على الده ... ر ولكنه مسمًّى بحرس

في حديثٍ رواه قومٌ لقومٍ ... رهنَ طِرس مستنسَخ إثر طرس

ولعل (الطرس) الذي عناه أبو العلاء هو كتاب شيث ابن عربانوس واسمه (تاريخ البشرية) وإن لم نجد فيه ذلك الاستهزاء البغيض

وقد أسرف أبو العلاء في الغض من شأن آدم حين يقول:

قالوا وآدمُ مثلُ أوبرَ، وابنُهُ ... كبناته، جَهِلَ امرؤٌ ما أوبرُ

وهو قول لا يعتمد على بينة ولا برهان. وأسخفُ منه زعم فريق من قدماء الهنود بأن آدم كان عبداً من عبيدهم ثم هرب إلى الغرب، ولم يَعد إليهم إلا حين أثقلته تكاليف الأبناء!

وبهذه المناسبة أقول: كان المرحوم مصطفى كمال زعم أن آدم وحواء من أصل تركيّ، وقد أزعجني هذا الزعم الفظيع، فكتبت إليه خطاباً أثبّت فيه أن آدم وحواء من أصلٍ عربيّ، بشهادة الاشتقاق؛ فآدم على وزن أفعل، من الأُدمة وهي السُّمرة المشَبعة بالسواد، وحواء على وزن فعلاء، من الحُوَّة وهي سمرة الشفتين، ثم رّجحت أنهما من أهل نجد، بدليل ما في أشعار آدم من الإقواء. وقد انتظرت أن يجيبني مصطفى كمال - غفر الله له - ولكنه لم يفعل. فسألت بعض الأتراك المقيمين بالقاهرة فأخبروني أن مصطفى كمال لم يكن يقبل الاطلاع على خطاب مكتوب بالحروف العربية بعد أن فرض على قومه أن يكتبوا بالحروف اللاتينية

ما لي ولهذا؟ إنما أريد أن يعرف قرائي أن كتاب شيث يقوم على أساس القول بأن آدم سبقته أوادم، ليعرفوا كيف اشتجر الملائكة وهم ينظرون فيما صار إليه بعد العصيان

في مسجد الفردوس

<<  <  ج:
ص:  >  >>