للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعبثاً حاول صويحباتها اللحاق بها أو البحث عنها، فرجعن إلى مهين بانو وأخبرنها بالأمر، فحزنت حزناً شديداً لاختفائها

وبعد أن ركبت شيرين سبعة أيام متوالية، شعرت بالتعب يدب في جسمها، فترجلت ونامت بعد أن استودعت نفسها الله عز وجل ولكنها سرعان ما صحت من نومها على صهيل جوادها، وتبينت أسداً يقترب من ناحيتها، فأخذت سهماً وأطلقته على الأسد فقتلته. ثم تابعت السير حتى وصلت إلى روضة في وسطها بركة جميلة من الماء، فاعتزمت الاستحمام بها لشدة ما نالها من التعب وما كساها من الغبار. وعلى ذلك ربطت شبديز إلى شجرة، وتجردت من ملابسها وأسلحتها وعلقتها إلى جواره، ثم تمنطقت بقماش أزرق حول وسطها ونزلت في الماء تستحم

وإذ هي تستحم قدم شاب إلى هذه الروضة، ورأى شبديز مربوطاً إلى الشجرة، فاقترب منه معجباً به، وعند ذلك رأى الملابس والأسلحة معلقة إلى جواره، وأخيراً رأى شيرين وهي جالسة في بركة الماء تعبث فيه وتداعبه، كأنها حورية جلست لتسحر من يرتاد ذلك المكان، فشخص إليها خسرو - وكان هو ذلك الشاب القادم - وقد ألهاه جمالها الفاتن عن كل ما عداه. وشعرت شيرين بوجود غريب قريباً منها، فالتفتت إلى الخلف. ولما رأت خسرو ارتبكت، فانسحب هو في حياء وانطلاق يعدو بجواده بعيداً عنها، وخرجت هي من الماء وارتدت ملابسها وامتطت شبديز فانطلق بها يسابق البرق. وهكذا التقى الحبيبان لأول مرة دون أن يعرف أحدهما الآخر، ثم افترقا وقلب كل منهما يحدثه أنه رأى حبيبه

وفي (الشكل ٤) نرى شيرين وهي جالسة في بركة الماء، وإلى جوارها وقف (شبديز) جوادها الأسود الأصيل، وعلى ظهره غطاء جميل، وهو يصهل كأنه ينبهها لوجود (خسرو) الواقف بجواده على مقربة، وقد وضع سبابته في فمه لشدة ما اعتراه من تأثر عند رؤيته شيرين بجمالها الفاتن، وقد صار وضع السبابة في الفم من التقاليد التي اتبعها الفنانون في تصويرهم خسرو عند رؤيته لشيرين، كما نرى ذلك في صور كثيرة لهما، وهذه الصورة من تصوير (سلطان محمد) أحد مشاهير مصوري عصر الشاه طهماسب، وهي مخطوط نظامي السابق ذكره المكتوب لهذا الشاه

وقد صور المصور (رضا عباسي) في القرن العاشر الهجري صورة شيرين واقفة وهي

<<  <  ج:
ص:  >  >>