(دستور يا مباركين). ويتلو الداخل بيت الراحة هذه العبارة مبتهلاً إلى الله أن يحميه من الأرواح الشريرة. إلا أن البعض لا يذكرون اسم الله باعتبار أنه لا يليق به في مثل هذا المكان فيكتفون بقولهم:(أعوذ بك من الشياطين ذكوراً وإناثاً)، وتفسر هذه العادات إحدى قصص ألف ليلة وليلة التي يحكي فيها أن تاجراً قتل جنياً بنواة تمرة كان يأكلها. ويظهر الجني في القصة نفسها وفي غيرها قادماً في زوبعة من الرمل أو الغبار. والاعتقاد العام عند عرب مصر أن الزوبعة التي تثير الغبار أو الرمال، وتكسح الحقول والصحارى، يسببها تحليق هذه الكائنات ويفوه المصريون عادة عندما تبدو الزوبعة قريبة منهم بتعويذة لإبعادها فيهتف بعضهم:(حديد يا مشئوم) إذ يظنون أن الجن يخافون هذا المعدن كثيراً. ويصيح آخرون:(الله أكبر). ويعتقدون أن الشهب سهم يقذف به الله الشياطين، ويصيح المصريون عندما يرون شهاباً ساقطاً:(سهم الله في عدو الدين) ويسمي العامة الشياطين عفاريت، وقد وردت في القرآن ذلك بهذا النص:(قال عفريت من الجن) وقد ترجم اللفظ: (قال جن هائل)، ويعتقدون أن العفاريت يختلفون عن الجن الآخرين بعظيم قدرتهم ودوام شرهم، ويسمي الشيطان الأقوى ماردا
يرتبط تاريخ الجن بعدة أساطير لم يذكرها القرآن، ولذلك لا يؤمن بها المسلمون العقلاء. ويتفق الجميع على أن الجن خلقوا قبل الإنسان. إلا أن البعض يقولون لطبقة أخرى من الكائنات السابقة على آدم ذات طبيعة مشابهة. ويعتقد العامة أن الأرض كان يسكنها قبل آدم جنس من المخلوقات يختلف عن البشر شكلاً وقوة، وأن أربعين ملكاً من هؤلاء، أو اثنين وسبعين تبعاً لقول آخر، سمى كل منهم سليمان، حكموا هذا الشعب تباعاً. وكان أحد هؤلاء السليمانين يسمى جان بن جان. ويتوهم البعض أن الجن، ويسمون أيضاً جاناً، اشتقوا تسميتهم من اسم هذا الملك. ومن هنا يعتقد البعض أن الجن يشبهون هذا الجنس السابق ولكن البعض يؤكد أن الجن كانوا طبقة من الكائنات مختلفة أخضعها الجنس الآخر.
ويعتقدون أن الجن كثيراً أو دائماً يتشكلون بأشكال القطط والكلاب والحيوانات المفترسة. وقد روى الشيخ خليل المدابغي - وهو من أشهر علماء مصر، وقد ألّف كتباً عديدة في مختلف العلوم وتوفي في سن متقدمة أثناء زيارتي الأولى لمصر - الحكاية التالية: (كان له - كما يقول - قط أسود عزيز ينام عند ذيل كلّته. ففي منتصف إحدى الليالي سمع طرقاً