على باب داره؛ فقام القط وفتح مصراع الشباك وهتف:(من؟) فأجابه صوت: (أنا فلان (وذكر اسما غريباً) الجني، افتح الباب). فقال قط الشيخ:(إن المزلاج قرء عليه اسم الله) فقال الآخر: (إذن اقذف لي رغيفين من الخبز) فأجاب القط: (إن سلة الخبز سُمي عليها) فقال الغريب: (حسن. أعطني على الأقل جرعة ماء. ولكنه رد عليه بأن وعاء الماء محفوظ بالطريقة نفسها. فسأل ماذا يستطيع أن يفعل وهو يوشك على أن يموت جوعاً وعطشاُ. فأشار عليه القط أن يذهب إلى باب الدار التالية. وذهب هو بنفسه وفتح الباب ثم لم يلبث أن عاد. وفي الصباح التالي غفل الشيخ عن عادة كان يراعيها دائماً فأعطى القط نصف الفطيرة التي كان يفطر بها بدلاً من قطعة صغيرة اعتاد أن يعطيه إياها. ثم قال له: (يا قطي، أنت تعلم أنني فقير، فجئني إذن ببعض الذهب) فاختفى القط في الحال بعد هذا الكلام ولم يره الشيخ بعد ذلك). والحكايات من هذا النوع تستوجب السخرية، لكن من المستحيل أن نقف على حقيقة عقلية الشعب الذي أحاول وصفه دون أن أسرد حكاية أو أكثر
ويؤكد العامة أن أشرار الجن كثيراً ما يعتلون الأسطح والشبابيك ويقذفون بالقراميد والحجارة في الشوارع والأفنية. وقد أخبرت من أيام قليلة بحادثة من هذا النوع أفزعت سكان أهم شوارع في القاهرة أسبوعاً بأكمله، إذ كانت القراميد تقذف بكثرة من بعض المنازل كل يوم طوال هذه المدة، ولم يصب أحد. وقد ذهبت إلى مكان هذه الدعابة الجنية المزعومة للنظر والاستقصاء ولكن قيل لي عند وصولي إن الرجم انقطع. ولم أجد أحداً أنكر قذف القراميد أو شك في أنه من أعمال الجن. وكانت الملاحظة العامة عند ذكر هذا الموضوع قولهم:(الله يحفظنا من شر أعمالهم)
وقد أخبرني صديق بهذه المناسبة أنه قابل بعض إنجليز لا يعتقدون بوجود الجن. وقد استدل بذلك على أنهم لم يشاهدوا أبداً تمثيلاً عاماً، وإن كان منتشراً في بلدهم التي سمع عنها منذ ذلك الحين باسم (كوميديا) قاصداً بهذه العبارة التمثيل المسرحي؛ ثم قال بعد أن وجه الكلام إلى أحد مواطنيه، ودعاني لأصدق على حديثه:(منذ زمن قصير وصف لي جزائري منظراً من هذا النوع كان قد رآه في لندن)؛ فقاطعه مواطنه سائلاً:(أليست إنجلترا أم لندن مدينة في إنجلترا؟) أجابه صديقي بتحفظ وهو ينظر إلىّ أن لندن عاصمة