إنجلترا، ثم أوجز موضوع المسرح فقال:(لا يمكن وصف الدار التي عرض بها التمثيل: كانت الدار مستديرة صفت على أرضيتها مقاعد عديدة وحولها مقصورات كثيرة الواحدة تعلو الأخرى حيث جلس أفراد الطبقات العليا، وكان هناك فرجة مربعة كبيرة أسدل عليها ستار، وعندما غصت الدار بالمتفرجين الذين دفعوا مبالغ كبيرة للدخول أظلم المكان فجأة وكان الوقت ليلاً، وكانت الدار قد أضيئت بعدة مصابيح، إلا أنها أطفئت كلها تقريباً في وقت واحد دون أن يمسها أحد، ثم رفعت الستارة الكبيرة، فسمع المشاهدين هدير الموج وصفير الهواء، ورأوا دون تمييز في الظلام الأمواج ترتفع وتزيد وتضرب الشاطئ، وسمع في الحال صوت رعد مرعب، ثم أضاء البرق للمشاهدين البحر الهائج، وسقط حينئذ سيل من المطر الحقيقي، وبعد ذلك صفا الجو فظهر البحر بوضوح، وشوهدت باخرتان على بعد اقتربتا ثم اشتبكتا في قتال أطلقت فيها نيران المدافع، وعرضت بعد ذلك مجموعة مختلفة من المناظر الفريدة، وأضاف صديقي: (من الواضح الآن أن مثل هذه العجائب لابد أن تكون من أعمال الجن، أو على الأقل عملت بمساعدتهم)؛ وقد شرحت له هذه الظواهر، ولكني لم أستطع إقناعه بخطأه
ويقال إن الجن يسجنون أثناء شهر رمضان. ومن هنا نرى بعض المصريات يرششن في وقفة عيد الفطر ملحاً على أرض الغرف مبسملات لمنع هذه المفزعات من دخول منازلهن. ويجب أن أشير هنا إلى بقية عجيبة من خرافة مصرية قديمة إذ يعتقدون أن لكل حي من أحياء القاهرة حارساً خاصاً من الجن ذا شكل أفعى
ويعتقدون أن القبور المصرية القديمة والهياكل المظلمة تسكنها العفاريت. وقد استحال علي أن اقنع أحد خدمي بدخول الهرم الأكبر معي لرسوخ هذه الفكرة في ذهنه. وينسب الكثير من العرب بناء الأهرام والآثار المصرية المدهشة جميعها إلى جان بن جان وأتباعه الجن. فهم لا يتصورون أن تقيم هذه الآثار يد بشر
وتطلق عبارة عفريت بالحري على الشيطان، إلا أن أرواح الأموات تسمى أيضاً بهذا الاسم. وينسج من هذه حكايات لا يقبلها العقل كما أنها تلقي في النفوس رعباً هائلاً. إلا أن هناك من لا يخشاها إطلاقاً. وكان في خدمتي طاه مضحك يتعاطى الحشيش أحياناً. وقد سمعته ذات ليلة، بعيد دخوله خدمتي، يدمدم ويهتف على السلم كما لو كان دهشاً لحادثة ما.