الفضول، ولو كانوا من الأشراف، إن جاز لأهل الشرف أن يشهدوا موقفاً يتأذّى به رجلٌ شريف
سيقف آدم متهماً، آدم الذي اصطفاه الله، ولم يسمع فيه أقوال الملائكة المقربين؛ فبأي وجهٍ يقف في قفص الاتهام، وأمام القاضي الذي منَّ عليه بنعمة الوجود؟
جهنم أروح من الوقوف في ساحة العدل بالفردوس
كان آدم يتمثل من لمحة إلى لمحة شماتة الشامتين؛ ثم يخفّ كربه كثيراً أو قليلاً حين يتذكر أن الذين اعترضوا على خلقه هم الملائكة، والشماتة لا تجوز من أصحاب الأرواح النورانية
ولكن الجنة فيها سكان لا يمتّون إلى النور بِعرق، ومن حقهم أن يشمتوا في المخلوق الذي يفوتهم بمراحل ابعد مما بين الأرض والسماء
أتستطيع المعصية وهي حقيرة وخسيسة ودميمة أن تمنح الأنذال فرصة التعالي على الأبطال؟
لو كان آدم يعرف أن المعصية ستجعل من حق الحشرات أن تتسابق في الزحف على البطون لتشهد موقفه في ساحة العدل. . . لو كان آدم يعرف أن إبليس المطرود سيتبجَّح بأنه أغواه بلا عناء. . . لو كان آدم يعرف أن الله يحبه، وأن استهانة المحبوب بأوامر الحبيب من علائم الخذلان. . . لو كان آدم يعرف أن الموت في الطاعة أشرف من الحياة في العصيان. . . لو كان آدم يعرف، لو كان آدم يعرف!!
طافت هذه الخواطر بآدم وهو في الطريق إلى ساحة العدل فكاد يصعق من هول الموقف. وكاد يتمنى لو تحول إلى حيوان أعجم لا يفقه كنه التكاليف. وهل يستطيع مع المعصية أن يقول إنه أشرف من أي حيوان؟
لقد عصى ربَّه فغوى، فما استعلاؤه وقد هوت به المعصية إلى الحضيض؟
المعصية إثمٌ موبق، ولو جازت على الجبل لحوَّلته إلي هباء. عصى آدم ربه فغوى، فليستعد آدم لحمل جريرة العصيان. وكيف يعصى الله من يعرف أنه خالق الأنوار والظلمات؟ كيف يعصى الله من يعرف انه واهب القدرة على العصيان؟ وهل تكون الشهوة الأثيمة أعذب مذاقاً من العلقم الذي يجترعه من يصد نفسه عن الآثام؟ إن حرمان النفس من