للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنها ستحضر لمواساة فارسها الجميل

خفّ سكان الفردوس لمشاهدة حواء، ولم يتخلف إلا من صدَّته الرعاية الواجبة للأفراخ أو الأشبال

من كان يظن أن الأسماك رحَّبت بالموت لتقضي ساعة أو ساعتين في مشاهدة حواء؟

وتقدم غضنفلوث لتمتطي حواء ظهره المنيع، فدخلت الساحة في عزة لا يظفر بمثلها الملوك

فكيف كانت حواء في ذلك اليوم؟

كانت وكانت وكانت:

كان طرفها الكحيل يَعد ويُخلف في اللمحة الواحدة ألوف المرات، وكأنه جذوات تقتتل في هدوء وسكون

وكان أنفها في ملاحته يتموج تموّجاً نورانيًّا في حدود يوحي بها لحنُها الرنان

وكان صوتها - صوت حواء الجميلة - يشهد بأن حناجر البلابل والعنادل أٌودعتْ حَلقها الرخيم

وكان نحرُها - نحر حواء - مرمراً ينطق. وما أخطرَ المرمر الذي ينطق!

وكان لثناياها بريق يفوق بريق الَحَبب عند فورة الرحيق

وكان لذراعيها استدارة فنية تهتف بأن الله يزيد في الخلق ما يشاء

أما جسم حواء في جملته بلا تفصيل، فهو الوجود في جملته بلا تفصيل

كانت ارقّ من الأزهار في آذار وأعذب من الأعناب في آب

كانت أحلى من وسوسة الأماني في الصدر المكروب، وأشهى من جلجلة المعاني في القلب الموهوب

وكان تثنّيها يوهم بأن قوامها أُلَّف من خطرات تفوق العدَّ والإحصاء

في المكان المحدود من جسمها البديع ألوان وألوان، فكأن كل جزء من أجزاء ذلك الجسم قصيدة تحترب فيها القوافي والأوزان، والألفاظ في الشعر الرائع تشبه الأوصال في الجسم الفينان

كانت حواء في ذلك اليوم. . . كانت وكانت وكانت

<<  <  ج:
ص:  >  >>