(عود) كبير يحرك أوتاره، بينما جلس بعض أكابر الدولة يستمعون لباربد ويتسامرون وهم يتناولون الطعام والشراب ووقف في خدمتهم الغلمان والسقاة والخدم، وقد ظهر على وجه كل منهم مبلغ اهتمامه بما يعمل. ونلاحظ في هذه الصورة الدقة في تصوير المباني والأشجار والزهور، وفي رسم الحيوانات على الحائط خلف خسرو، وكذا صورة التنينين في أعلى القبة إلى جانبيها. وهذه الصورة من تصوير (ميرزا على). وترى إمضاؤه في اسفل الصورة إلى اليسار. وهي في مخطوط نظامي المؤرخ بين سنتي ٩٤٦ و ٩٥٠ هجرية (١٥٣٩ - ٤٣م) المكتوب للشاه طهماسب
واشتهر بَارُبد بجمال الصوت وحسن التوقيع والمقدرة على وضع القطع الموسيقية وتأليف الألحان، وصارت ألحانه حجة أساتذة الموسيقى، وكان بارعاً في الضرب على العود. ويروي أبو الفرج الأصفهاني أنه (ضرب يوماً بين يدي كسرى فأحسن فحسده رجل من حذّاق أهل صنعته، فترقبه حتى قام لبعض شأنه ثم خالفه إلى عوده فشوّش بعض أوتاره، فرجع وضرب وهو لا يدري، والملوك لا تصلح في مجالسها العيدان، فلم يزل يضرب بذلك العود الفاسد إلى أن فرغ، ثم قام على رجله فأخبره الملك بالقصة، فامتحن العود فعرف ما فيه)
وكان بَاربُد محبباً لخسرو برويز ومقرباً إليه، فكان يقصده أصحاب الأمور لعرضها على خسرو إذا خافوا أن يبطش بهم. ويروي ياقوت الحموي انه لنا عرف خسرو برويز بمرض الفرس شَبديز - وكان عزيزاً عليه - قال:(لئن أخبرني أحد بموته لأقتلنه. فلما مات شبديز خاف صاحب خيله أن يسأل عنه فلا يجد بداً من أخباره بموته فيقتله. فجاء إلى البَهلَبَذ مغنيه، ولم يكن فيما تقدم من الأزمان ولا تأخر أحذق منه بالضرب على العود والغناء. قالوا كان لأبرويز ثلاث خصائص لم تكن لأحد من قبله: فرسه شبديز قد نفق ومات وقد عرفت ما أوعد به الملك من أخبره بموته فاحتل لي حيلة. فلما حضر بين يدي الملك غناه غناء روي فيه القصة إلى أن فطن الملك وقال له: ويحك! مات شبديز. فقال: الملك يقوله. فقال زه! ما أحسن ما تخلّصت وخلصت غيرك!. . .) وقد ذكر هذه القصة خالد الفياض في شعره قاله وهو:
والملك كسرى شهنشاه تقنَّصه ... سهم بريش جناح الموت مقطوب