في ذلك المقام الرهيب، وربما كلن فيهم من تسوقه ثائرة الحقد إلى رغبة التشفي من آدم وهو مأخوذ بجريرة العصيان.
جزع آدم
كان الخوف من شماتة القرود هو الذي حمل آدم على طلب الجلسة السرية، وفاته أن يذكر أن لعلنية الجلسة حكمة عالية، فهي تدعو القاضي إلى التلطف في الاستجواب، ترفقاً بمن يحاسَب أمام جماهير لا تخلو من أعداء وأغبياء، وفاته أيضاً أن يذكر أنه سيقف وحده أمام قاضيه، وللوحدة رهبةٌ تزُيغ البصر وتعقل اللسان.
آدم يقف وحده أمام الله في جلسة سرية؟
وأين المحرّضون على المعصية وهم ثلاثة شُخُوص: إبليس والحية وحواء؟
فإن كان الله يريد إقامة العدل فليطلب حضور المحرضين ليلقوا جزائهم على التحريض
وما كاد هذا الخاطر يطوف بقلب آدم حتى صاح الهاتف:
- آدم لا تجمع بين المعصية والجهل
- أنا من العصاة ولست من الجاهلين
- أن اعتراضك على الله هو الغاية في الجهل
- أنا لا أعترض على الله، ولكني أطلب إقامة العدل
- وما العدل عندك؟
- هو أن يحاسَب المحرضون قبل أن أحاسَب
- ومن هؤلاء المحرضون؟
- الحية وإبليس وحواء. ومهما يكن فلا أقل من أن يحاكم إبليس اللعين
- أترك إبليس في غفوته، يا آدم، ولا توقظ الشر الوسنان
- لابد من محاكمة هذا اللعين على التحريض
- إبليس لعين؟
- بشهادة الله
- وكيف انخدعت بأحابيله وأنت تعرف أن الله شهد بأنه لعين؟
- تلك هفوة أوقعني فيها الجدُّ العاثر